قصص عن الحياء والعفة للكبار والاطفال

أ / أمينة محمد ذكى

الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان ”حديث متفق عليه. الحياء من الصفات الموجودة في كل إنسان منا بفطرته، الا أنه انتزعت من الكثير منا بسبب ما هو منتشر حولنا من منكرات ومعاصي، مسلسلات، أفلام واغاني وما إلى ذلك من الأشياء التي تؤثر على تلك الفطرة. كثير من العائلات مازلت تحاول وتجاهد حتى اليوم لتزرع في أبنائها تلك الخصلة وتصل بهم الى بر الأمان. والجزء الاخر انقاد وراء تلك المغريات، وبالتالي تم تغير تلك الفطرة في الأطفال منذ الصغر.

قصص عن الحياء حقيقية

دعونا من خلال هذا المقال أن نحاول استرجاع بعض من قصص الحياء التي كانت موجودة بكثرة في عهد الأنبياء والصحابة. وان نذكر بعضا القصص التي قد تساعد العائلة في آن تزرع خلق الحياء في أطفالها. سنحاول ايضاً في السطور القادمة ان نضع بين ايديكم بعض من قصص الحياء التي حدثت حقيقة في مجتمعاتنا الحالية كي يظل الامل موجود بأن العالم ليس سيء الى هذه الدرجة.

قصص الحياء عند الأنبياء

قصص عن الحياء عند الأنبياء لا تنتهي. فهناك قصة سيدنا يوسف الذي فضل السجن على أن ينصاع لامرأة العزيز، وقصة السيدة مريم وكيفية تعاملها مع قومها بعد أن عرفت خبر حملها، والعديد من القصص الموجودة في السيرة النبوية للرسول ﷺ. قصص سيدنا موسى عليه السلام كثيرة جداً، سنختار منها احدى القصص التي تظهر حياء سيدنا موسى وشخصية أخرى عادية. لنعلم أن الحياء لم يكن خاصية للأنبياء فقط وإنما هو موجود لدى جميع البشر.

قصة حياء الفتاتين وسيدنا موسى

في أحد الأيام وسيدنا موسى في طريقه الى مدين، بعد أن خرج من مصر لينجيه الله من القوم الظالمين، توقف عند بئر ليأخذ منه بعض الماء. كان هناك الكثير من الرجال يتدافعون من أجل الحصول على الماء. في تلك الاثناء وجد سيدنا موسى فتاتين تقفان بعيداً وهما تحملان شيء لملئ المياه به.

ذهب سيدنا موسى باتجاه الفتاتين وسألهما:

سيدنا موسى: ما خطبكما؟

اجابت الفتاتين: لا نسقي حتى يصدر الرعاء. وأكملتا: وأبونا شيخ كبير.

لم ترد الفتيات أن يزاحمن الرجال للحصول على الماء. فما كان منهم الا ان ينتظروا حتى ينهي الرجال مهماتهم ثم يذهبوا للحصول على الماء دون مضايقة من أحد.

قام سيدنا موسى بتلك المهمة نيابة عن الفتاتين. فأحضر لهما الماء وذهب ليستظل تحت ظل شجرة.

إذا توقفنا عند تلك النقطة من القصة ولم نكمل بقيتها، فسنجد أن بها أكثر من وقفة للحياء. سيدنا موسى لم يذهب لملاطفة الفتيات او تساهل معهم بالحديث، وانما سأل مباشرة ما المشكلة حتى يعرف ان كان باستطاعته المساعدة. رد الفتيات كان مقتضب، لم يأخذهم الحديث ويحولونه الى قصة، وانما اجابوا سريعاً، بل وبرروا سبب خروجهم في مكان فيه العديد من الرجال بدلاً من ابوهم.

قصص من الحياء عند الصحابة

لا تخلو السيرة النبوية كما ذكرنا من قصص الحياء. سيدنا عمر، أبو بكر الصديق والعديد من أسماء الصحابة. إلا أننا اخترنا واحد من الصحابة الذي قيل فيه: أنه رجل تستحي منه الملائكة . ولهذا الصحابي العديد من القصص في الحياء سنذكر واحدة منهم

لمحات من حياء عثمان بن عفان

حُكيَ عند سيدنا عثمان رضي الله عنه أنه كان إذا بقي وحيداً في منزله ليس معه أحد، لم يكن ينزع عنه ثوبه. علماً بان لن يراه أحد. إلا أنه كان يستحي من الله ومن وجود الملائكة في المنزل.

كان سيدنا عثمان عند الاغتسال، وهو وحيد في منزله لا يوجد أحد معه، لا ينزع عنه كل ملابسه، وان كان ولابد فكان لا يقف مستقيم، وانما يظل محني حتى تمام الاغتسال حتى لا ينكشف منه الكثير من بدنه.

قصة حياء السيدة عائشة رضي الله عنها

دفن سيدنا محمد ﷺ في واحدة من غرف، ودفن بجانب أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وكانت السيدة عائشة تدخل الى تلك الغرفة بكامل ملابسها بدون حجابها.

بعد وفاة سيدنا عمر ودفنه بجانب سيدنا محمد وأبو بكر الصديق، أصبحت السيدة عائشة تدخل الى تلك الغرفة واضعه كامل ملابسها، وحتى حجابها على رغم من كون سيدنا عمر ليس على قيد الحياة. إلا أن حياءها منعها من أن تقوم بذلك.

قصة عن الحياء والعفة

بطلة قصتنا كافئها الله بالجنة جراء صبرها وحيائها. عاشت تلك المرآة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وكانت من أصحاب البشرة الداكنة، في ذلك الوقت كان جزء من الناس لا يأبه لأصحاب تلك البشرة. كانت المرأة مريضة، تعاني من الصرع، وهو مرض يسبب تشنجات عصبية مؤلمة، لا يشعر الشخص بنفسه في تلك الفترة وقد يصاب بالإغماء ولا يدري ما حدث عند الافاقة.

ذهبت السيدة الفاضلة الى رسول الله تشكو له ما حدث:

السيدة : يا رسول الله، إني أصرع..

رسول الله ﷺ: إن شئتِ دعوت الله لكي، وإن شئتِ صبرتِ ولكي الجنة.

أجابت السيدة : اصبر لكي أكون من أهل الجنة. صمتت السيدة قليلاً ثم أكملت : لكني اتكشف يا رسول الله، فأدعو الله لي كي لا أتكشف!

دعا الرسول ﷺ للسيدة الفاضلة، ومنذ ذلك اليوم وتأتيها نوبات الصرع بآلامها ولكنها لم تعد تنكشف ابداً.

العبرة من قصص عن الحياء لتلك السيدة الفاضلة، انها كان كل همها أن لا تنكشف، وتجد الكثير من السيدات في الوقت الحالي تخرج بتكشف زائد عن اللزوم بكامل ارادتها وقناعتها أن ما تقوم به صواب!! انتبهوا ايتها السيدات الفاضلات، وانو التوبة عن ذلك الذنب، أعاننا الله وإياكم.

تعرف علي: ما نتائج العفة عما في أيدي الناس

قصص عن الحياء واقعية

بالتأكيد جميع القصص الفائتة واقعية وحقيقية، الا أننا سنحاول كما وعدناكم ان نذكر لكم قصص عن الحياء في عصرنا الحالي، وقصص تعليمية عن الحياء للأطفال.

قصص عن الحياء للأطفال

ذهب عمر، ذو الثمانية أعوام، مع والدته الى النادي لأجل التدريب، فعمر يقوم بالتدرب على رياضة السباحة. أكمل عمر تدريبه مع أصدقائه وأثنى المدرب عليه وعلى مهارته كثراً.

ذهب عمر الى الأماكن المخصصة للاستحمام وتبديل الملابس لكي يغير ملابسه المبتلة بالماء ويرتدي ملابسه النظيفة. فوجئ عمر بان جميع الأطفال الاخرين قد خلعوا ملابسهم ليقوموا بتغير ملابس السباحة الى الملابس النظيفة في نفس المكان.

غادر عمر المكان قليلاً وذهب ليجلس بجوار والدته حتى ينتهي باقي الأطفال من التغيير. ودار الحوار التالي:

الام: ماذا حدث يا عمر! لمَ لم تغير ملابسك؟

عمر: لان هناك الكثير من الأطفال، وبعضهم قد خلع ملابسه وانا استحي ان اظل في نفس المكان واقوم بذلك. لذلك سأنتظر هنا حتى يخرجوا واقوم بتبديل ملابسي.

احتضنت الأم عمر وهي تشعر بالفخر الشديد بابنها، وظلت تردد في سرها: من شب على شيء شاب عليه.

قصص عن الحياء واقعية وحقيقية

كانت سارة فتاة جميلة بمعايير المجتمع الشكلية، فهي بيضاء، طويلة، شعرها طويل اسود الون ولديها عينين زرقاوين. وكانت جميلة بالمعايير العامة، فهي فتاة لطيفة، هادئة ويتمنى الجميع مصاحبتها. كان الشيء الوحيد الذي ينغص على سارة حياتها هو وزنها الزائد.

كانت دائماً ما تشعر انها ليست جميلة، وتظل تذكر نفسها بكم هي بدينة. ولان المجتمع لا يرحم أحداً، فعلى الرغم من كل الصفات الرائعة الموجودة في سارة، الا أنها كانت تستمع كثيراً للكلمات السيئة عن وزنها، خاصة إذا ذهبت لشراء بعض الملابس.

كانت سارة تحب الطعام كثيراً، وهي بارعة في صنع ألذ وأشهى الوجبات. وهذا كان يساعد على تخريب نظامها الغذائي في كل مرة تبدأ به.

قررت سارة في أحد الأيام الذهاب الى الجراح الذي يقوم بعمليات السمنة، بعد ان قامت احدى صديقات والدتها بالاقتراح عليها. ودار الحوار كالتالي:

سارة: أنا أحب الطعام كثيراً، ولا امتلك أية إرادة لإكمال أي نظام صحي ابدأ به، بالصراحة الطعام هو نقطة ضعفي.

أجاب الطبيب بابتسامة : ليست مشكلة، اريدكِ ان تقومي ببعض الفحوصات ودعيني اراها في المرة القادمة.

شاهد أيضا: قصص وعبر عن الحياة

قصة حياء سارة والطبيب

في المرة التالية وجد الطبيب أن سارة تصلح للعملية فبدأ بإخبارها بكافة التفاصيل. سعدت سارة كثيراً وشعرت بالحماس الشديد وبدئت تتخيل حياتها وهي بوزن صحي وشكل جميل، الا انها انتبهت على كلام الطبيب وهو يصف لها انها جراحة لذلك ستحتاج الى ان تخلع بعض الملابس.

فكرت سارة لوهلة، لكنها أجابت دون تردد: لن اقوم بتلك الجراحة، شكراً لك أيها الطبيب.

شعر الطبيب بالاستغراب الشديد فهو يرى علامات الحماس والسعادة على وجه سارة، فسألها:

الطبيب : ماذا حدث؟ أتشعرين بالخوف؟ لما لا تريدين إجراء الجراحة.

أجابت سارة : لا، لا أشعر بالخوف، لكن أشعر بالخجل. انا لم انزع ملابسي امام أحد منذ التزمت بهذا الزي، وصراحةً انا اعرف انها ليست ضرورة كي أقوم بذلك، فالمشكلة أنى لا أستطيع السيطرة على حبي للطعام، انا افتقر الى الإرادة والعزيمة فقط.

سعد الطبيب برد سارة كثيراً، وابتسم وهو يقول لها : الحياء من أجمل الصفات التي تزين الجميع، خاصة الفتيات. سأقوم بمساعدتك.

قرر الطبيب بأن يقوم بمساعدة سارة، وأخبر فريقه الطبي المسؤول عن التغذية والجانب النفسي بان يقوموا بمساعدتها بأن تتخطى المرحلة الأولى لأنها الأصعب. وبالفعل وصلت سارة للوزن المطلوب وتشعر بالسعادة انها لم تتخلى عن حيائها، وأن الله قد كافئها جراء ذلك.

في نهاية مقالنا، حاولنا بقدر الأماكن ان نعطي العديد من النماذج عن قصص الحياء. للأطفال، للكبار، في العصر الحالي والعصور السابقة. الحياء فضيلة وقيمة لا تتهاونوا ابدأً أو تفرطوا فيها.

أ / أمينة محمد ذكى

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *