أجمل ما كتب أمل دنقل من أشعار وقصائد

ميادة احمد

مقالتي هذه المرة عن الشاعر المصري الشهير أمل دنقل الذي ولد عام 1940، هو من أسرة صعيدية بقرية القلعة التي تقع في محافظة قنا، كان والده من أحد علماء الأزهر الشريف وهذا ما نلاحظه على ما قام به شاعرنا من أعمال فقد أثر ذلك على قصائده وشخصيته

سماه والده أمل على الرغم من شيوع الاسم في مصر آنذاك وخاصة البنات إلا أن والده أصر على تسميته بهذا الاسم وذلك لميلاده في السنة التي حصل فيها على إجازة العالمية متأثراً بالنجاح الذي حققه.

على جناح طائر مسافر.. مسافر.. تأتيك خمس أغنيات حب تأتيك كالمشاعر الضريرة من غربة المصب إليك: يا حبيبتي الأميرة

ماذا كتب أمل دنقل عن القدس

عائدون، وأصغر إخوتهم (ذو العيون الحزينة) يتقلب في الجُبِّ، أجمل إخوتهم.. لا يعود! وعجوزٌ هي القُدْسُ (يشتعل الرأسُ شيبًا) تشمُّ القميصَ فتبيضُّ أعيُنُها بالبكاء، وتخلع الثوبَ حتى يجئ لها نبأٌ عن فتاها البعيد أرضُ كنعانِ – إن لم تَكُنْ أنتَ فيها – مراعٍ من الشوك يورثها الله من شاء من أمم،

قصيدة الطيور أمل دنقل

الطيورُ مُشردةٌ في السَّموات, ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ, ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح! ربما تتنزلُ.. كي تَستريحَ دقائقَ.. فوق النخيلِ النجيلِ التماثيلِ أعمِدةِ الكهرباء حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ والأَسْطحِ الخرَسانية.

حياته ونشأته

خواطر وأشعار أمل دنقل

تأثر أمل دنقل بوالده الذي كان لديه موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي وكان عنده مكتبة ضخمة تحتوي على مجموعة كبيرة من كتب الفقه والشريعة والتفسير وهذا ما أثر على شاعرنا وساهم في تكوينه.

توفي والده وهو في العاشرة من عمره مما أدى إلى تحمله مسئولية والدته وشقيقه وظهر الحزن على كل أشعاره، انتقل أمل دنقل إلى القاهرة بعد أن انتهى من دراسته الثانوية في قنا، فالتحق بكلية الآداب ولكنه لم يستطيع تكملة دراسته في العام الأول وذلك لأغراض العمل لينفق على والدته وشقيقه.

عمل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ثم عمل بعدها كموظف في منطقة التضامن الأفرو آسيوي ولكنه كان يفضل كتابة الشعر عن العمل فكثيراً ما كان يترك العمل من أجل كتابة القصائد والدواوين الشعرية.

أشعار أمل دنقل

خواطر وأشعار أمل دنقل

استوحى شاعرنا العظيم أشعاره وقصائده من التراث العربي وهذا كان مخالفاً للمدراس الشعرية في فترة الخمسينيات، فكان أغلبية الشعراء في تلك الفترة متأثرين بالميثولوجيا الغربية واليونانية.

ساهمت أحلام العروبة والثورة المصرية في تشكيل نفسية أمل دنقل فهو مثله كمثل المصريين في تلك الفترة صدم بإنكسار مصر عام 1967 وهذا ما دفعه إلى كتابة “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة ”و “تعليق على ما حدث”.

  • حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ
    في كبدِ الأَشياءْ: تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ (كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ.. تَحْلُمُ في استِرخاءْ)
    طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ لاهثةً, تلتقط الأَنفاسْ وفجأةً: دندنتِ الساعة.
  • الطيورُ مُشردةٌ في السَّموات ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح! ربما تتنزلُ كي تَستريحَ دقائقَ فوق النخيلِ –النجيلِ –التماثيلِ –أعمِدةِ الكهرباء –
    حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ والأَسْطحِ الخرَسانية.
  • قصدتهم في موعد العشاء تطالعوا لي برهة، ولم يرد واحد منهم تحية المساء! وعادت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة في طبق الحساء نظرت في الوعـــاء : هتفت : (( ويحكم دمي هذا دمي فانتبهوا )) لم يــأبهوا ! وظلّت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة.
  • هذا الذي يجادلون فيه قولي لهم عن أمّه، ومن أبوه أنا و أنت حين أنجبناه ألقيناه فوق قمم الجبال كي يموت ! لكنّه ما مات عاد إلينا عنفوان ذكريات لم نجترئ أن نرفع العيون نحوه لم نجترئ أن نرفع العيون نحو عارنا المميت ها طفلنا أمامنا غريب.

خواطر أمل دنقل

  • أيتها العرافة المقدَّسةْ  جئتُ إليك مثخناً بالطعنات والدماءْ أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ. أسأل يا زرقاءْ عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء عن ساعدي المقطوع وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة عن صور الأطفال في الخوذات ملقاةً على الصحراء عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء.. فيثقب الرصاصُ رأسَه في لحظة الملامسة !.
  • تسألني جاريتي أن أكثري للبيت حرّاسا فقد طغى اللصوص في مصر ..
    بلا رادع فقلت: هذا سيفيَ القاطع ضعيه خلف الباب. متراسا! ما حاجتي للسيف مشهورا ما دمت قد جاورت كافورا ؟ عيدٌ بأية حال عدت يا عيدُ ؟ بما مضى ؟ أم لأرضي فيك تهويد ؟  نامت نواطير مصر عن عساكرها وحاربت بدلاً منها الأناشيد ! ناديت: يا نيل هل تجري المياه دماً لكي تفيض، ويصحو الأهل إن نودوا عيد بأية حال عدت يا عيد؟

تعرف علي: خواطر الشاعر محمود درويش

حقيقة كتاب الجنوبي

هذا الكتاب يبدو وكأنه سيرة غيرية إلا أن صفحاته كشفت أنه سيرة ذاتية لزوجة الشاعر أمل دنقل السيدة عبلة الرويني تتحدث عن تجربتها الشخصية مع أمل دنقل وتحدثت عن اللقاء الأول الذي جمعها مع شاعرنا الراحل وهذا كان في عام 1975 في مقهى “ريش”حيث كانت صحفية في بداية عملها بجريدة الأخبار ترغب في عمل حوار مع أمل دنقل.

كانت تعرف جيداً صعوبة نشر هذا الحوار لأن شاعرنا كان يسارياً، فذا الحوار سهل في نشره بأخبار اليوم العربية صعب جداً في أن ينشر داخل مصر، ولكنها أصرت على أن تخالف هذه المرة سياسة الجريدة، وبالفعل بحثت عنه في المقاهي حتى وجدته وبدأت كلامها بعبارة “كنت أظنك أكبر قليلاً!”فضحك بصوت عالي وقال لها ”لم أستفز فأنا إنسان قبل أن أكون شاعر”فابتسمت وقالت “اطمئن لن أحبك”.

أضافت عبلة أن الانطباع الأول الذي كونته عن الشاعر مختلف فهو لم يشبه الأخرين ويتحدث بلغة أخرى ويحس أحاسيس تختلف عن البشر وقالت: “منذ الوهلة الأولى سقطت الأقنعة والمسافات وظهر لي كأنه صديق أعرفه من زمن بعيد”.

توالت اللقاءات وظهرت العواطف بينهما وفي اللقاء الرابع بينهما قال لها دون أي مقدمات “يجب أن تعلمي أنك لن تكوني أكثر م صديقة”، فقالت له “وأنا لست صديقتك فإنني وحدي صاحبة القرار في علاقتي بأصدقائي”وعلى الرغم من ذلك كانت تدرك أنه يحبها، فأصبح مقهى “ريش”مكان اللقاء المستمر والمفضل بينهما حتى تم كسر كل الحواجز التي بينهما وتزوجا.

وفاته

خواطر وأشعار أمل دنقل

اكتشف شاعرنا بعد زواجه بتسعة أشهر ورم خبيث ينتشر في كل جسمه بسبب شربه للسجائر التي كانت تلازمه كثيراً، كانت تصفه زوجته في تلك الفترة بأنه شديد الصلابة صخري لا يخشى شيئاً ولا يعرف الخوف ابداً لكن من السهل إيلام قلبه.

عبر أمل دنقل في معهد السرطان عن معاناته مع المرض ولحظات ما قبل الموت في ديوانه “أوراق الغرفة8”كما لو كان صراع بين المرض والشعر، وفي عام 1983 توفي بمعهد الأورام بالقاهرة ليغلق أخر ورقة في دواوينه التي ظلت تقاوم حتى في اللحظات الأخيرة.