قصة السجين شميدث والعبرة من القصة

أ / مروة سامي الجندي

تعتبر قصة السجين شميدث من الأدب الألماني، إذ تعبر عن حكمة مهمة لا بد من أخذها في عين الاعتبار وهذه الحكمة هي أن تعرف ماذا تقول ولمن تقول، فهو أحد السجناء الذين حُكم عليه بفترة عقوبة طويلة بعض الشيء، إذ قضى تلك الفترة في واحدٍ من سجون ألمانيا، والذي اشتهر بقسوة حراسه ومعاملتهم السيئة، فكانوا يعاملون الجميع كذلك، ولكن استثنوا منها السجين شميدث.. فما السبب؟

إثارة الشكوك حول السجين شميدث

تصنيف القصة أدبية “الأدب الألماني”.
الحقبة الستينات.
العبرة نصح الآخرين أمرٌ جيد، ولكن يجب مراعاة من تنصح فربما يستغل نصيحتك

بطريقة خاطئة تعود عليك بالضرر.

ثمة شكوك من قِبل السجناء انتشرت حول معاملة الحُراس للسجين شميدث، وذلك بسبب المعاملة الحسنة للغاية التي يتلقاها، وصلت هذه الشكوك إلى أن السجناء الباقين اعتقدوا أنه واحدًا من الحراس يتنكر في شخصية سجين.

حاول شميدث كثيرًا دفع هذه الشكوك عنه، كما حاول إقناع السجناء بمصداقيته أنه أحدهم وليس له أي علاقة بالأجهزة الأمنية.

تعرف على:  قصة المسيح الدجال

مناقشة السجين شميدث حول هذه الشكوك

لم يلبث السجين شميدث أن حاول مخاطبتهم حول هذه الشكوك، حيث تحدث معهم قائلاً: دعوني أسألكم سؤالاً؟ فسمحوا له بطرحه، فسأل: ماذا تكتبون في رسائلكم الخاصة لأقاربكم؟

رد مجموعة كبيرة من السجناء: بالطبع نكتب ما نعاني منه هنا من معاملة السجناء السيئة، قسوتهم في معاملتنا، والظلم الذي نتكبده هنا على أيدي هؤلاء الحراس.

رد السجين شميدث على السجناء

كان الرد على السجين شميدث يتمحور حول نقل الصورة الحقيقية التي تحدث معه في السجن من قِبل السجناء قائلًا : أنني أذكر في السطور الأخيرة وأنا أكتب إلى زوجتي أذكر محاسن الحُراس ومعاملتهم الجيدة، بل يخص بعض أسماء الحراس في كثيرٍ من الأحيان ويمدحهم كثيرًا.

قاطعه أحد السجناء قائلاً: وما علاقة هذا كله بما يحدث لنا من معاملة سيئة ويحدث لك من معاملة جيدة من قِبل الحُراس؟

قال: دعونا نفكر قليلاً جميع الرسائل التي تخرج من هنا، هل تخرج دون الاطلاع عليها من قِبل الحُراس؟

رد شميدث على سؤاله قائلاً: بالطبع لا، لا بد للحُراس الاطلاع على جميع الرسائل قبل خروجها من السجن، وهذا بالطبع يؤثر على معاملتهم؛ لذا ما يمكنكم القيام به هو فقط تغيير طريقة الكتابة الخاصة بكم في الرسائل الخاصة بكم، بحيث تعود عليكم بالنفع.

تعرف على:  قصص حقيقية عن أغبى لصوص بالعالم

نتائج فكرة شميدث

تفاجأ شميدث في الأسبوع التالي بأن الحُراس قد تغيرت معاملتهم بالفعل ولكن للأسوأ!، وليس ذلك فحسب وإنما قد تغيرت معاملة الحُراس أيضًا مع شميدث، ما الذي حدث، ما هذا التغير الجذري، ولماذا في نفس الآونة ؟

العديد من الأسئلة التي يمكن أن تتبادر إلى ذهن شميدث، ولكن هل سيجد لها إجابة؟ تعجب شميدث كثيرًا بالتغيير الحادث؛ فقرر أن يبادر بسؤال السجناء ماذا كتبوا في رسائلهم في الأسبوع الماضي؟

رد عليه جميع السجناء قائلين: لقد ذكرنا أن شميدث قد أرشدنا إلى طريقة رائعة حتى نخدع الحُراس ونكسب ثقتهم، والفوز بالمعاملة الجيدة مثله، وذلك عن طريق مدحهم بالكذب في الرسائل الأسبوعية.

حزن شميدث ولطم خديه حسرةً، وظل يسحب شعر رأسه كالمجانين، وقال: أهذا جزائي، ألم أقل لكم إن الرسائل تُقرأ من قِبل الحُراس، وذكرت لكم كل ما قلته في رسائلي، ولم تكتفوا بذلك بل اسمي شخصيًا ذكرتموه في رسائلكم.

هذا وقع الويلات على السجين شميدث عليهم جميعًا دون استثناء لا للسجين الألماني، ولا حتى لغيره.

الدروس المستفادة من قصة السجين شميدث

لقصة السجين شميدث قدرة كبيرة على نقل الحكم والدروس القيمة التي يمكننا تطبيقها في حياتنا، حيث تمثل القصة مجموعة كبيرة من المواقف التي نتعرض لها خلال حياتنا اليومية، لذا يمكننا استخلاص بعض الدروس القيمة التي يمكنك الاستفادة منها :

السجن في المنام

1- لا تفشي سرك

ما وقع فيه شميدث كان بسبب مشاركة أسراره مع غيره، دون أن يفكر قليلاً هل يستحقون هذه الثقة، هل منهم من يأمن السر؟ لذا كن حريصًا دائمًا على الحفاظ على أسرارك أو أسرار قد أئتمنها غيرك عندك.

2- أعطي النصيحة لمن يستحق

يمكننا أن ننصح ونقدم يد العون، ولكن لابد من اختيار مستقبلي النصيحة، فمن السهل تحول نصيحتك إلى سبب نقمك وحزنك، كما حدث تمامًا مع السجين شميدث، على هذا يمكنك الاختيار من بين خيارين الأول ألا تبوح بالنصيحة مادام لا يستحقها.

أو يمكنك تعليم مستقبلي النصيحة أن يستغلوها على الأوجه الأفضل والاستفادة منها، ولكن من الجدير ذكره أن الخيار الثاني هذا يمكن أن يحمل بين ثناياه بعض المخاطر التي بإمكانها هلاكك؛ لذا تأكد من استحقاقهم للنصيحة.

3- لا تبالغ في المدح

إذا كنت تريد ذكر محاسن قومك؛ فلابد من الشفافية التي تتوج حديثك وتمنحك مكانة مناسبة لديهم وإن حدث ما يهدمها، ما قام بفعله السجين شميدث أنه عبر في رسائله عن معاملة الحُراس له بكل شفافية.

لكن عندما قدم النصيحة للسجناء طلب منهم كتابة مدح لم يحدث قط من قِبل الحُراس، لذا لم يتمكن السجناء من إنجاح الخطة، لأنها كانت بناءً على أقاويل غير حقيقية.

4- ساعد في حل الأزمات

هناك حكمة قديمة تقول “ لا تُعطيني سمكة ولكن علمني كيف اصطادها “، إذا تعرضت لموقف يحتم عليك النصيحة، فانصح ولكن من خلال تعليم مهارات جديدة بإمكانها تغيير حياة الشخص للأفضل، وإن أخذنا في قصة شميدث إسقاطًا؛

كان يمكن للسجين الألماني أن يعلمهم طريقة مناسبة للتعامل الجيد مع الحُراس، وبلا شك سوف يجدون منهم معاملة أفضل، لأن رد فعلهم سوف يتوقف على فعل السجناء.

تعرف على:  قصص عربية مكتوبة

5- لا تتوقف عن النصيحة

بالرغم من ما حدث للسجين شميدث، بيد أن من أهم الدروس المستفادة هي ألا تتوقف عن النصيحة قط ولكن لا بد من التركيز حول طريقتها ولمن؟ فقد كان يمكن أن يعيد نصيحته لحل مشكلة معاملة الحُراس، ولكن في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة

تتعدد مواقف الإنسان في حياته اليومية، يتمكن من حل بعضها ويتجاهل بعضها، ويوكل بعضها لغيره، ولكن يجب أن تركز على نفسك في البداية، حتى تستطيع تقديم النصائح للآخرين.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *