هل يجوز قراءة القرآن أثناء الحيض من المصحف

أ / عمرو عيسى

هل يجوز قراءة القرآن أثناء الحيض من المصحف ؟ وما هي الأحكام التي وردت في قراءة المرأة خلال هذه الفترة للقرآن الكريم؟ في واقع الأمر هذا السؤال يُعتبر من صور الأسئلة التي يكثر طرحها بشكل دوري وخاصةً في مُناسبات المُسلمين مثل شهر رمضان الكريم، وفي واقع الأمر هذا الموضوع محل خلاف بين عُلماء الفقه ذاتهم.

حُكم قراءة القُرآن الكريم للحائض من المُصحف

هل يجوز قراءة القرآن أثناء الحيض من المصحف

قراءة القُرآن الكريم تُعتبر من أحب الأمور التي يقوم بها المُسلم ومن أكثر ما يُدخل السعادة والسرور في قلبه وتجعله يشعر بالطمأنينة خاصةً في حال ما استشعر كُل كلمةٍ يقرأها وسعى للبحث عن معاني القُرآن الكريم، أبرز التفسيرات وغيرها من القصص التي يتدبر فيها المرء عظيم خلق الله وقُدراته.

فكتاب الله الحكيم يُعتبر من أجمل المُعجزات التي يُمكن من خلالها الاطلاع على التاريخ الإسلامي وتاريخ الكون بأكمله، بالإضافة إلى بعض التوقعات الآتية في مرحلة حياة البرزخ وما بعد البعث من حساب وثوابٍ في الجنة وعقابٍ في النار والعياذ بالله.

بشكلٍ عام وغريزي يمر المرء بفترات لا يكون فيها طهورًا، وحديثُنا هُنا عن الرجال والنساء، فالرجال يكونون جُنُب والنساء والسيدات يكُنَّ نفاسًا أو خلال فترة الحيض والدورة الشهرية، وفي واقع الأمر كثيرًا ما يتم الربط بين هاتين الحالتين، وهو ما اختلف عليه العُلماء.

فالجُنب يكون غير طهورٍ لفترة زمنية وجيزة إلى أن يغتسل فحسب، ولكن النفساء والحائض قد يطول عدم طهورها لتكون فترةً تشقى فيها كثيرًا.

لذا وعلى الرغم من ذهاب بعض الفُقهاء والأئمة إلى كون قراءة القُرآن خلال هذه الفترة مُحرمًا لكافة الحالات المذكورة إلا أن الغالبية العُظمى من الجمهور وكبار العُلماء أجمعت على كون قراءة القُرآن للجُنب مُحرمة وإنما جائزة للنفساء والحائض، لكن هل جواز قراءة القُرآن أثناء هذه الفترة يكون من المُصحف الشريف؟

قطعًا لا، فالشرط الأول لإمساك المُصحف والقراءة منه هو كون المرء الذي يرغب في القراءة طاهرًا ومُتمًا للوضوء ، وهو ما لا يُمكن للحائض والنفساء على قدم السواء القيام به بكل تأكيد، لذا يُمكن القول هُنا إن مُبطلات الصلاة من صور مُبطلات ومانعات الإمساك بالمُصحف وكتاب الله الحكيم لقراءة وتلاوة بعض الآيات والسور.

لا يفوتك أيضًا:  كيف يمكن للحائض قيام ليلة القدر ؟

كيفية قراءة القُرآن خلال فترة الحيض

الآن علمنا أن لا شيء في قراءة المرأة الحائض والنفساء للقُرآن الكريم، وهو ما يُخالف بعض أهل العلم الذين استندوا على حديثٍ ضعيف رواه أبو داوود عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما إذا قال فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن”[روي عن الحجازيين والرواية عنهم ضعيفة].

هُنا وجب علينا التنويه إلى أن كيفية قراءة المرأة للقُرآن الكريم أثناء فترة الحيض أو حتى النفاس لا بُد وأن تكون مما تحفظه من كتاب الله وقوله الحكيم، فلا حرج على الإطلاق في قراءتها لسورة الكهف مثلًا قبل النوم، وغيرها من الآيات التي تحفظها عن ظهر قلب.

في واقع الأمر حدث في حجة الوداع موقفٌ يستند إليه كافة عُلماء الدين في يومنا هذا ألا وهو حيض أُم المؤمنين السيدة عائشة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروي على لسانها أنها قالت:

“خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لا نَذْكُرُ إلَّا الحَجَّ، حتَّى جِئْنَا سَرِفَ فَطَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقالَ: ما يُبْكِيكِ؟ فَقُلتُ: وَاللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ العَامَ، قالَ: ما لَكِ؟ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: هذا شيءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ علَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي”[صحيح المسند].

فرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يأمر السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها ألا تقرأ القُرآن، فما منعها منه هو الطواف في البيت الحرام ليس إلا، وخفف عنها بقوله الشريف إن هذا أمرٌ كتبه الله بشكلٍ غريزي على بنات آدم.

في يومنا الحالي ومع التقدم التكنولوجي لا ضرر بإجماع عُلماء الدين الإسلامي وفُقهائه من قراءة القُرآن الكريم من خلال الهواتف النقالة أو شاشات الحواسيب الآلية.

لا يفوتك أيضًا:  ما هو دعاء السجدة في القرآن الكريم

حُكم الرُقية الشرعية للحائض

هل يجوز قراءة القرآن أثناء الحيض من المصحف

تُعتبر الرُقية الشرعية من أكثر الأمور التي تُثير فضول السيدات خلال فترة الحيض والنفاس بعد قراءة القُرآن الكريم من المُصحف الشريف أو مما يحفظنه عن ظهر قلب، فمن المعروف كون الرُقية من السُنن المؤكدة التي قام بها أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي عبارة عن بعض الآيات والسور بالإضافة إلى الأدعية.

لذا ونظرًا لكثرة الاستفسارات حول هذا الموضوع خرج أمين لجنة الفتوى التابعة لدار الإفتاء في جمهورية مصر العربية ليُقر بشكلٍ صريح جواز لجوء الحائض والنفساء إلى الرُقية الشرعية من باب الاقتداء بما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الوقاية.

لكن الأمر هُنا مُشابه لحُمم قراءة القُرآن للحائض والنفساء من المُصحف، فالرُقية الشرعية لا بُد وأن تكون محفوظة أو مكتوبة بشكلٍ كامل بكافة الآيات والسور على أجهزة الهواتف المحمولة وغيرها من وسائل القراءة غير المُصحف الشريف.

كما يُمكنها أن تقوم برقية غيرها بالمُناسبة باستعمال الأذكار الواردة في الحديث الشريف والسُنة النبوية حول الرُقية الشرعية، ولا ضرر أيضًا من ذكرها لأذكار الصباح والمساء وغيرها من أبواب الدُعاء طالما أنها لا تُلامس المُصحف الشريف.

لا يفوتك أيضًا:  افضل 20 أدعية الأنبياء والرسل من القرآن الكريم

يُعد الالتزام بحدود الله تبارك وتعالى فيما يخص الأمور الدنيوية والأوامر الدينية أمرًا لا بُد منه، فلا أحد يرغب بكل تأكيد في نيل الذنوب لكونه يُصلي أو يقرأ القُرآن الكريم من المُصحف في حالةً لا يجوز له القراءة فيها.

أ / عمرو عيسى

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *