فضل العبادة في رمضان

أ / عمرو عيسى

فضل العبادة في رمضان يُعد عظيمًا، وقد جاء في بيان هذا الفضل وتوضيحه العديد من الآيات القُرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، ومن المعروف بشكلٍ عام أن لهذا الشهر في الدين الإسلامي الحنيف قُدسية لا يُضاهيها غيره من الشهور، لذا وفي سبيل تعظيم لشعائر الله نُطلعكم على كافة المعلومات في هذا الصدد.

فضل العبادة في رمضان

فضل العبادة في رمضان

شهر رمضان المُعظم يُعتبر من أحب الشهور إلى الله تبارك وتعالى، وقد فضله الرحمن على غيره من الشهور، فقد قدر ذو الجلال والإكرام خلال هذا الشهر فتح أبواب الجنان كافة على مصراعيها، بالإضافة إلى غلق أبواب النار وسلسلة الشياطين في سبيل مُساعدة عباده على حُسن طاعته والالتزام دون وساوس الجان.

كُل ذلك له القُدرة على الإشارة بكون هذا الشهر لا يُشبهه أي شهر آخر، ومن أكثر ما يُميز هذا الشهر بالنسبة لنا بنو البشر أن الله تبارك وتعالى خص هذا الشهر بخصائص لم يمن بها على غيره من الشهور ألا وهو الصيام.

فصيام العام كله لك حُرية الاختيار فيه إلا في هذا الشهر الكريم، يُعد صوم رمضان رُكن من أركان الإسلام، ومن لا يؤمن به لا يؤمن بالديانة جُملة وتفصيلًا وقد أخل بعقيدته بشكلٍ شنيع، كما جعل الله تبارك وتعالى أجمل ليالي الدُنيا وأعظمها في هذا الشهر ألا وهي ليلة القدر التي قال فيها تبارك وتعالى:

{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ }

  [سورة القدر: الآيات من 1 – 5].

نتيجةً لحُب الله تبارك وتعالى هذا الشهر وتفضيله له منَّ على عبادة المُسلمين المؤمنين بعباداتٍ جعل لها فضلًا عظيمًا في رمضان، ففي هذا الشهر تلاوتك للقُرآن، استغفارك، توبتك النصوحة إلى الله تبارك وتعالى بالإضافة إلى إحسانك وتصدقك وصيامك وحتى صلاتك يُضاعف لك فيها الأجر وتُعتق فيها رقبتك من النار.

كما أن الله يستجيب لعباده الصائمين العابدين العاكفين في هذا الشهر أمانيهم ودعواتهم مُكافأة منه ذو الجلال والإكرام على هذه الطاعات، ويرفع من مكانتهم عنده درجات ويغفر لهم الزلات والسيئات.

لا يفوتك أيضًَا:  دعاء رؤية هلال رمضان مكتوب ادعية تقال عند ثبوت رؤيه الهلال

جواد الله على عباده الله

شهر رمضان الكريم فُرصة يمن بها الله ويجود على عباده بكل أنواع الجود والكرامات، وهو الكريم الجواد، وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة المُسلمين ومعشر المؤمنين على الالتزام والإكثار من الطاعات خلال هذا الشهر الفضيل يُعبر عن مدى فضل القيام بهذه العبادات في شهر رمضان.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق في أمور الدين عن الهوى، ما يعني أن حثه هذا لنا لا يدل إلا على ما أُوحي له من خالقه وبارئه تبارك وتعالى عبر الوحي الأمين جبريل عليه السلام، فقد صام بشير الأمة، وأمر الناس بصيام هذا الشهر كما لم يأمرهم بشيءٍ آخر.

جاء على لسان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه في صحيح الترمذي بتحديث الألباني رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبيب المُصطفى قال:

مَن صامَ رمضانَ وقامَهُ، إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ

[صحيح المسند].

لك أن تتخيل فضل عبادة الصيام والقيام في رمضان خير أشهر العام، تخيل فقط أن الله تبارك وتعالى يغفر لك ما قدمته من ذنوبٍ في حياتك حتى يومنا هذا وهو الغني عن تعذيبك وعقابك والقادر تمام القُدرة على غُفران ذنوبك في حال ما تقربت منه وأعلنت توبتك الصادقة وإخلاصك في العبادة.

لا يفوتك أيضًَا:  رسائل تهنئة رمضان اجمل 400+ رسالة تهنئة شهر رمضان للأصدقاء والاحباب

عبادات لا يعلم فضلها إلا الله

الله تبارك وتعالى كريم يُحب عباده التوابين الذين يتقربون له بالطاعات، وقد وعد الله أمة المُسلمين من عباده بمُضاعفة أجر ما يقومون به، وهو وعد الله، وحاشاه أن يخلف وعده، وقد فقد قال ذو الجلال والإكرام في كتابه الحكيم:

{ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [سورة الأنعام: الآية رقم 160].

فمن كرم الله علينا أنه يجزينا خيرًا عما نقوم به أضعافًا مُضاعفة كما يشاء، ولكن الثواب والفضل لهذه العبادات يكون معلومًا، وقد جاء في سُنة الحبيب المُصطفى أن الله يُضاعف لمن يشاء من عشرة وحتى سبعمائة ضعف.

هذا يشمل كافة الطاعات والعبادات إلا الصيام، فللصيام وخاصةً في رمضان رمضان فضلٌ اختص الله بمعرفته دون أن يُطلع عليه غيره من العباد.

فقد جاء في الدُرر السُنية والإرث الخالد لأمة المُسلمين إلى يوم الدين أن الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال في صحيح البُخاري بتحديث الإمام البُخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ ”[صحيح المسند].

فلك أن تتخيل مدى فضل عبادة الصيام في رمضان حتى يقول الله إن هذا العمل له -والله غنيٌّ عن عبادتنا وطاعتنا- دونًا عن سائر العبادات التي يقوم بها المرء والتي وصفها تبارك وتعالى بكونها للعبد، ومن أعظم ما يُثاب عليه المرء في رمضان الابتعاد عن الرد على السُباب والقتال تعظيمًا لشعائر الله وخوفًا منه.

لا يفوتك أيضًَا:  دعاء رمضان مكتوب أفضل 10 ادعية استقبال شهر رمضان مستجابة

تجارة رابحة وثواب مُنقطع النظير

فضل العبادة في رمضان

مكانة شهر رمضان المُعظم عند الله تبارك وتعالى عظيمة، لذا علينا أن نتمسك بكل أشكال العباد في رمضان، وهُنا نعني بكل تأكيد العبادات المؤكدة والمفروضة وهي الصلاة، الزكاة بالإضافة إلى الصيام بكل تأكيد، وغيرها من العبادات المسنونة والمشروطة.

فالتسابق للقيام بالنوافل اللواحق وغيرها من النوافل التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مُلازمًا لها ولا يبتعد عن تأديتها قط هو خير اغتنامٍ لهذا الشهر الفضيل وما فيه من خير، فخاب وخسر من بلغ رمضان ولم يُغفر له أو يتب عما يقوم به من عاداتٍ سيئة تُغضب الله من عبده وتجعل غضبه وسخطه يحل به.

جاء في سُنة الحبيب المُصطفى العديد من الأحاديث التي تُشير إلى فضل ما في رمضان من عبادة وطاعة، وهذا على كافة الأصعدة في واقع الأمر، فالفضل الذي يمن الله عليه بنا يشمل الجانب الروحاني، النفسي وحتى المادي.

فالصيام تهذيبٌ للنفس وفيه تعديلٌ وتقويمٌ للسلوك، وقد جاء على لسان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود في صحيح البُخاري أنه قال:

كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ ”[مُتفقٌ عليه].

فمن فضل عبادة الصيام في رمضان التغلب على الشهوات، فلا يُفكر المرء في شهواته إلا عندما تشبع نفسه، فإن شبع تمنى وإن جاع امتنع عما هوى، كما أن في هذا الشهر الكريم يُمكن للمرء الوصول إلى ماهية أعماله وحقيقة ذنوبه.

فالشياطين تُسلسل كما نعلم وأبواب النار تُغلق ولا يبقى منها بابٌ مفتوح، حينها يستطيع المُسلم المؤمن أن يُدرك مصدر ذنوبه وأسبابها أهي وساوس شيطانية أم أن فطرته تغيرت واختلت لكثرة الذنوب والشهوات؟ وهذا لا يُعد سببًا لظنك أنك شخص سيئ بقدر ما هو إعمال للنفس اللوامة التي تقومك وتُهذبك.

اللهم بلغنا رمضان واجعلنا من المتوكلين عليك، المُقربين إليك، والفائزين من هذه الحياة الدُنيا بنعيم الآخرة لديك، فما الحياة الدُنيا إلا متاع الغرور، والابتعاد عن العبادات والطاعات في رمضان تاركًا ما فيها من فضلٍ لأشر الشرور، اللهم بلغنا رمضان الكريم لا فاقدين ولا مفقودين وأخرجنا منه مُعافين.

أ / عمرو عيسى

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *