ما الفرق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم

أ / ايه السيد جبر

الكتاب والسنة هما ركني العقيدة في الدين الإسلامي والذي يجب على كل مسلم أن يؤمن بهما إيمان كامل سواء بالقلب أو الجوارح حتى يتكمل إسلامه كما أنه يجب أن يكون على دارية بهما .

الفرق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم

الحديث القدسي:  تلك الأحاديث التي أخبر بها الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- أمته عن الله -سبحانه وتعالى- إلا أنها بِلسان الرسول، والمعنى الوارد في هذه الأحاديث عن الخالق -تجلى في علاه- ولم يغير الرسول في معناه شيء.

القرآن الكريم:  آخر الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء، وقد نزل على الرسول بِغرض التحدي والإعجاز والتعبد بِكلماته ولفظه.

تعريف الحديث القدسي

قد تكون الأحاديث النبوية معروفة لدى العديد منا نحن المسلمون على عكس الأحاديث القدسية التي يوجد جدل كبير حولها، وأول المعلومات التي يجب أن يكون الجميع على دراية بها هو سبب تسمية الحديث القدسي بهذا الاسم وهو التعريف اللفظي للحديث القدسي ، وهو أن كلمة القدسي نسبة إلى القدس التي تعني التنزيه والتعظيم والتطهير والتبجيل، وكل ذلك لأنها أحاديث آتية من فوق السبع سموات من عند الله بما يجعلها مطهرة منزهة عن أي قول من أقوال الشر أجمعين حتى الأنبياء منهم.

أما عن تعريف الحديث القدسي اصطلاحاً، وهو تلك الأحاديث التي أخبر بها الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- أمته عن الله -سبحانه وتعالى- إلا أنها بِلسان الرسول، والمعنى الوارد في هذه الأحاديث عن الخالق -تجلى في علاه- ولم يغير الرسول فيه شيء أما عن صيغة الأحاديث القدسية؛ يوجد اختلاف بين العلماء عليها حيث انقسموا إلى قسمين هما كالتالي:

  1. الرأي الأول:  يرى أصحاب هذا الرأي أن الأحاديث القدسية جاءت من عند الله بِالصيغة والمعنى الخاصين بها، وما فعله الرسول أنه قد أخبر بها أصحابه والتابعين له بِلسانه.
  2. الرأي الثاني:  بعض العلماء هنا اتفقوا على أن معنى الاحاديث القدسية هو الذي نزل من فوق سبع سموات إلى النبي -صلوات الله عليه وتسليمه- بينما الصيغة جاءت من عند الحبيب المصطفى حيث بلغه الله بما يرغب في إيصاله إلى عباده وصاغها الرسول بِحديثه الخاص.

تعريف القرآن الكريم

قد يكون  تعريف القرآن الكريم  من التعريفات التي يعلمها المسلمون في جميع أنحاء العالم وبِمختلف الأجيال لأن الكتاب السماوي الذي نزله الرحمن من فوق سبع سماوات على النبي محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- في صورة الوحي الذي كان يتنزل به الملاك جبريل -عليه السلام- باللفظ والمعنى للإعجاز والتعبد بألفاظه، وكان الرسول يُخبر به أصحابه نصاً ولا يُغير فيه شيئاً كما أنه يُعد إعجازاً لا يقدر بشر على صنع مثله أو تأليفه.

وقد أثبت القرآن الكريم على مر العصور المختلفة سواء السابقة أو الحالية أنه أكثر الكتب صحة في التاريخ كما أن فصاحة اللغة العربية والدقة المتناهية في الصيغة والتعبير وعدم وجود خطأ واحداً فيه يجعله إعجازاً بِكل ما تعنيه الكلمة هذا بالإضافة إلى القصص والأحداث التي وردت فيه سواء التي حدثت بالفعل أو التي تحدث حالياً أو حتى التي سوف تقع في المستقبل وكلها تدل على مدى عظمة التنزيل الحكيم وأنه لا يوجد في العالم ما هو أصح منه وأنه ليس من صنع البشر.

الفرق بين الأحاديث القدسية والقرآن

يخلط البعض بين القرآن والحديث القدسي بِقولهم أن كلاً منهما من عند الله وبالتالي هما متاشبهان، وعلى الرغم من أنهما بالفعل من كلام الله وحديثه إلا أنه يوجد اختلاف كبير بينهما يمكن أن تتعرفوا عليه في هذه الفقرة من خلال مجموعة النقاط التي سوف نوضح من خلال الفرق بين الأحاديث القدسية والقرآن الكريم.

  • القرآن الكريم:
  1. الوحي:  كان الذكر الحكيم يصل إلى الرسول عن طريق الملاك جبريل -عليه السلام- فقط لا غير، وقد نزل الوحي على النبي في كلِِ من مكة والمدينة لهذا يوجد قرآن مكي وقرآن مدني.
  2. الكتب:  لا توجد كتب للقرآن الكريم سوى  المصحف الشريف،  الذي قد يختلف تجويده والقراءات المختلفة إلا أن محتواهم واحد في النهاية ولا يوجد فرق بينهم في السور القرآنية والترتيب الخاص بها.
  3. عدد السور القرآنية والآيات:  معروف لدى الجميع أن المصحف يحتوي على 114 سورة قرآنية منهم 87 سورة مكية و27 سورة مدنية أما عن عدد الآيات فإن عددها يصل إلى 6236 آية.
  • الأحاديث القدسية:
  1. نزوله على الرسول:  لم يتم التعرف على هذه المعلومة بِدقة حيث يرى العلماء أنه من الممكن أن الأحاديث النبوية قد نزلت على الرسول في صورة وحي أخبره به الملاك جبريل مثل القرآن الكريم أو أن الرسول قد حلم به أو أخبره الله بِنفسه.
  2. أشهر الكتب:  توجد العديد من الكتب التي تخص الأحاديث القدسية، ولكن أشهر هذه الكتب هم “الصحيح المسند من الأحاديث القدسية، الأحاديث القدسية جمعًا ودراسة، جامع الأحاديث القدسية موسوعة جامعة مشروحة ومحققة”.
  3. عدد الأحاديث القدسية:  لم يتم التوصل إلى عدد محدد من الأحاديث القدسية إلا أن أكثر كتاب احتوى على عدد من الأحاديث القدسية كان جامع الأحاديث القدسية، والذي وصل عدد الأحاديث فيه إلى 1150 حديث ولا يزال البحث مستمر من قِبل كبار العلماء.

مميزات القرآن الكريم عن الحديث القدسي

ذكرنا في الفقرة السابقة مجموعة من النقاط التي توجد الفرق بين الأحاديث القدسية والقرآن الكريم إلا أننا لم نذكر جميع الاختلافات بينهما بسبب وجود مجموعة من النقاط التي يجب أن تُذكر منفردة الممثلة في  مميزات القرآن الكريم عن الحديث القدسي  كما سوف نوضح فيما يلي:

  • القرآن الكريم:
  1. القرآن الكريم جاء من عند الله كلاماً ومعنى ، وأخبر به الرسول كما وصل إليه دون تغيير لذلك هو أطهر الكتب وأعظمها على الإطلاق لأنه كلام الله -عز وجل-.
  2. القرآن الكريم محفوظ من عند الخالق في إمام مبين “لوح محفوظ”إلى نهاية الكون بِقدرة الله وإرادته ولا يقبل التحريف أو النقد والتشكيك فيه.
  3. نُزل الله القرآن من فوق سبع سماوات للإعجاز والتحدث والتعجب منه هذا بالإضافة إلى  التعبد بألفاظه  كما أن القرآن لا تثبت صحته إلا بالتواتر وهو شرط أساسي فيه.
  4. موضوعات القرآن الكريم : يتميز التنزيل الكريم أنه كتاب شامل متعدد الموضوعات حيث يحتوي على الأحكام الدينية المختلفة التي تخص الشريعة الإسلامية بالإضافة إلى القصص للأمم السابقة والأنبياء وأيضاً بعض الأمور العلمية والدنيوية المختلفة بالإضافة إلى العديد من الموضوعات المتنوعة الأخرى.
  • الحديث القدسي:
  1. يوجد اختلاف بين العلماء على ما إن كانت صيغة الأحاديث النبوية من عند الله مثلما هو المعنى أم أن الله أخبر رسوله بالمعنى وصاغها الرسول بأسلوبه الخاص.
  2. الأحاديث القدسية مثلها مثل الأحاديث النبوية تقبل النقد ووجود الخطأ منها حيث يُقسمها العلماء إلى حديث قدسي صحيح وحسن وضعيف، ويوجد منها ما هو خطأ ومنسوب إلى الله -سبحانه وتعالى-.
  3. لم تُنزل الأحاديث القدسية من أجل التعبد أو التحدي بل أنها جاءت من أجل التعلم والتعمق في أمور تخص الدين مثلها مثل الأحاديث النبوية.
  4. موضوعات الحديث القدسي:  لا توجد العديد من الموضوعات التي وُجدت في الأحاديث القدسية لأن معظمها يختص بِالحديث عن ذات الله وتوضيح العديد من الصفات الربانية التي انفرد بها الخالق عن باقي مخلوقاته بينما القليل منها تحدث عن جزاء الأعمال الصالحة والتوبة وما يخص حياة الإنسان وآخرته.

هل يجوز الصلاة بالأحاديث القدسية

من أكثر الأسئلة المطروحة على الكثير من الشيوخ وعلماء الدين الإسلام  “هل يجوز الصلاة بالأحاديث القدسية؟”،  وجاء هذا السؤال بناء على أن كلاً من القرآن الكريم والحديث القدسي كلام الله والرسول هو مُن أخبر به، ويمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال ما سبق وأن ذكرناه في الفقرات السابقة وهو أن القرآن الكريم قد نزل إلى العباد من أجل التحدي والإعجاز والتعبد بألفاظه بينما الأحاديث القدسية ليست كذلك.

وبناء عليه فإن إجابة هذا السؤال هو  لا يجوز شرعاً الصلاة بالأحاديث القدسية،  وفي حالة قام أحد بِفعل ذلك فإنه يكون أثماً ولا تُقبل صلاته لأن الصلاة لا تصح إلا بِقراءة القرآن الكريم سواء الفاتحة في جميع الركعات أو السور القصيرة في أول ركعتين من كل صلاة بجانب الفاتحة هذا بالإضافة إلى فعل هذا الأمر يدخل ضمن البدعة في الإسلام والتي تُدخل صاحبها النار كما أخبرنا الحبيب المصطفى -صلوات الله عليه- في الحديث النبوي الشريف «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».

سبب الصلاة بالقرآن وليس بالأحاديث القدسية

يتميز الدين الإسلامي أنه من الأديان التي كانت حريصة على توضيح أسباب العديد من الأحكام التي سنها الله -سبحانه وتعالى- في أرضه وعلى عباده المسلمين، ومنها  سبب الصلاة بالقرآن الكريم وليس بالأحاديث القدسية،  وعلى الرغم من أن الصلاة فرض لا يوجد نقاش فيه وبالتالي كيفية أدائها والتي تعلمناها من الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلا أن العلماء قد حرصوا على توضيح سبب تلاوة القرآن في الصلاة وليست الأحاديث القدسية حتى وإن كان كلُُ منهما كلام الله.

  1. السبب الأول أن الله -سبحانه وتعالى- قد أمر بالصلاة بالقرآن الكريم وليس بالأحاديث القدسية أو غيرها، وهو أمر آلهي واجب إتباعه دون جدال أو نقاش.
  2. القرآن الكريم نُزل للتعبد بألفاظه وهو الهدف الأول لِنزوله بينما الأحاديث القدسية لم تُنزل لذلك.
  3. لا يمس المصحف الشريف سوى المطهرون وكذلك الصلاة لا يؤديها إلا الطاهر المتوضأ بينما كتب الأحاديث القدسية لا يُشترط فيها ذلك.
  4. القرآن الكريم محفوظ ولا يقبل الشك أو الجدال بينما الأحاديث القدسية منها ما هو صحيح وما هو حسن وآخر ضعيف ومنسوب بالخطأ على أنه حديث من عند الله.

مثال على الحديث القدسي

خلال الفقرات السابقة ذكرنا أن الأحاديث القدسية لا تحتوي على العديد من الموضوعات بل أنها مقتصرة على الصفات الآلهية سواء بالإيجاب أو بالسلب أي الصفات التي أثبتها الله على ذاته الآلهية مثل الرحمة والعدل وغيرها من الصفات العظيمة عند الرحمن أو التي رفعها عن نفسه -سبحانه وتعالى تجلى في علاه- مثل الظلم هذا بالإضافة إلى الحديث عن بعض الأمور الخاصة بالإنسان وجزاء الأعمال الصالحة.

وفي هذه الفقرة سوف نقدم  مثال على الحديث القدسي  بحيث تجدون حديث واحد على الأقل يخص موضوع من الموضوعات المختلفة القليلة التي جاءت في هذه النوعية من الأحاديث مع العلم أننا حرصنا على أن تكون هذه الأحاديث صحيحة وتم الاتفاق عليها بين كبار العلماء وليس حسنة أو ضعيفة.

يقول الله تعالى: «إنه إذا رفع العبد يديه للسماء وهو عاصي فيقول يارب ، فتحجب الملائكة صوته فيكررها يارب فتحجب الملائكة صوته فيكررها يارب فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها فى الرابعة فيقول الله عز وجل الى متى تحجبون صوت عبدي عنى؟ لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي».

يقول الله تعالى : «أنا عند ظن عبدي بي ، و أنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني فى نفسة ذكرته فى نفسي ، و إن ذكرني فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منهم ، و إن تقرب إلى بشبرٍ تقربت إلية بذراعاً ، و إن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة».

يقول الله تعالى «إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل : إنى أحب فلاناً فأحبوه فيحبه جبريل و أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض وإذا أبغض الله عبداً دعا جبريل : إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي فى أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء فى الأرض».

يقول الله تبارك وتعالى: «يا عبادي إنيّ حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مُحرما فلا تظالموا».

بعض الآيات القرآنية

يحتوي القرآن الكريم على الكثير من الموضوعات التي تخص الدين والدنيا، والتي بسببها أعتبر العلماء في العالم أجمع سواء الذين ينتمون إلى الإسلام أم لا أن التنزيل الحكيم إعجازاً بكل ما تصفه الكلمة، ونتيجة لِذلك فإنه من الصعب علينا أن نقدم جميع الموضوعات التي جاءت وتم ذكرها في السور القرآنية المختلفة مما جعلنا نقوم باختيار تلك الآيات التي تتحدث عن الصبر عن البلاء والجزاء الذي ينتظر أصحاب الأعمال الصالحة في الدنيا.

ووقع اختيارنا هذا تبعاً للظروف المواتية التي يعيشها العالم أجمع بعد تفشي وباء جديد، والمعروف باسم كوفيد 19 “فيروس كورونا المستجد”،  والذي يعاني الكثير من الأشخاص بسببه في الوقت الراهن إما بالإصابة به أو الوفاة، ومن هنا نجد تلك الرسائل التي يبعثها الرحمن إلى عباده أجمعين في  بعض الآيات القرآنية عن الصبر  التي يطمئن قلوبهم بها و يجعلهم يصبرون و يحتسبون هذه الأيام عند الله.

  • {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} ﴿126 النحل﴾.
  • {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة 155).
  • {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ﴿البقرة ١٥٣﴾.
  • {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ﴿24 الرعد﴾.
  • {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ﴿96 النحل﴾.

حاولنا على مدار السطور السابقة أن نقدم معظم الفروق المتواجدة بين الأحاديث القدسية والقرآن الكريم بالإضافة إلى توضيح بعض النقاط الهامة الأخرى لذلك يسرنا التعرف على رأيكم الشخصي على ما قدمناه سلفاً من معلومات دينية تم التوصل إليها من المصادر الإسلامية الموثوق بها كما أننا نرغب في التعرف على أي سؤال لدى متابعينا يخص هذا التقرير.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *