متى يبدأ الليل ومتى ينتهي فلكيا

جعل الله الليل والنهار آيتين واضحتين لكل من آمن، فحين يُفكر الإنسان في خلق الله ومعجزات فلا بُدَّ وأن يشرد بذهنه إلى تلك الآيتان، فمن ذا الذي يقدر على تسيير مثل ذلك الكون بكل ما فيه سواه،

متى يبدأ الليل فلكيا

فبعظمته وقدرته وبقوله للشيء كن فيكون يسير الكون بمقدار معلوم وبمنتهى الدقة، فهو الذي يستحيل عليه العجز صانع المعجزات جل وعلا،

ولعل آية الليل كفيلة للرد على من يبحث عن إله الكون، ومن ثم يجب أن نعرف ما هو مدلول الليل ومتى يبدأ الليل فلكيا.

عَرَّفَ علماء الفلك الليل على أنه تلك الفترة الواقعة ما بين غروب الشمس وبدء شروقها مرة أخرى، وتمكنوا من التوصل إلى ذلك من خلال ظاهرة دوران الأرض يوميًا دورة كاملة حول مركزها،

كما أثبتوا أن طول الليل غير ثابت وذلك تزامنًا مع دوران الكرة الأرضية حول الشمس مرة كل عام، مما ينتج عنه تعاقب الفصول بالتناول بين النصف الشمالي والجنوبي، مما أسفر عما يلي:

• الانقلاب الشتويّ: هو اليوم الذي تصل فيه عدد ساعات الليل ذُروتها، ويُوافق في النصف الشمالي الحادي والعشرين من شهر مارس لكل عام.
• الانقلاب الصيفيّ: هو ذلك اليوم الذي قِيست فيه أقل عدد ساعات الليل في العام، وهو الحادي والعشرين من شهر يونيو في النصف الشمالي.
• الانقلابين الربيعي والخريفي: وهما اليومان اللذان يتساوى فيهما الليل والنهار، مع بداية فصل الربيع شمالًا في الحادي والعشرين من مارس، والثالث والعشرين من سبتمبر الموافق لبدء فصل الخريف شمالًا.
• كل تلك المواقيت تنعكس تمامًا في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

متى يبدأ الليل في الإسلام

استقر علماء الأمة الإسلامية إلى أن الليل يبدأ مع غروب الشمس “التقويم الغّروبي” وينتهي عند طلوع الفجر،

وذلك استدلالًا بقول الله سبحانه في كتابه العزيز في سورة البقرة “فالآن باشروهُنَّ وابتغوا ما كَتَبَ الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيطِ الأسودِ من الفجر ثم أتمّوا الصيام إلى الليل”.

أي أن آذان الفجر هو بيان بانتهاء الخيط الأسود “الليل”وبدء الخيط الأبيض “النهار”، وفي قوله تعالى “ثم أتمّوا الصيام إلى الليل”هو غروب الشمس، وذلك المثبت شرعًا والذي تُبنى عليه العديد من الأحكام كالتالي:

• البدء في أداء صلاة التراويح ليلة الصيام السابقة، وانتهاء فترة أدائها عند آخر يوم يسبق عيد الفطر.
• إخراج زكاة الفطر تُصبح واجبةَ النفاذ بغروب شمس آخر أيام شهر رمضان المبارك، إلى ما قبل صلاة العيد وإلا تحولت إلى صدقة بعد ذلك.
• بدء تكبيرات العيد منذ غروب شمس اليوم الأخير وانتهائها بغروب شمس آخر أيام التشريق الثلاث.

شاهد :-  متى يبدأ قيام الليل ومتى ينتهي

علامات دخول الليل

كثيرًا ما يبحث هؤلاء المسلمون المقيمون في بلادٍ غربية وخاصةً التي تُعد مواقيتها مختلفة تمامًا عن الدول الإسلامية، بل وتتباين فيها الظواهر بشكل غريب نوعًا ما،

فهناك بلاد لا يأتي فيها الليل وأخرى لا تُشرق بها الشمس لمدة أيام وأخرى تقضي نصف العام مشمسةً والنصف الآخر مظلمة، ومن ثم يجب تحديد مواقيت الصلاة والصيام كالتالي:

البلاد التي يصعب تمييز غروب الشمس فيها، يتحتم على الصائم أن يتحقق من الغروب بانتظاره للظلام حتى يحل، فقد أقر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن هناك علامتين ألا وهما إقبال الليل أو غروب الشمس لعلمه بأنه قد تحدث إحداهما وتغيب الأخرى.

أما في البلاد التي يدوم الليل فيها شهور أو النهار، فيستعين فيها المسلم لصلاته بأقرب بلدٍ ويسير على مواقيت الصلاة بحسبها، كما يصوم بحسب أقرب دولة له لديها تقويم متزن.

لماذا يبدأ اليوم من منتصف الليل

بعد أبحاث علماء الفلك المطولة وجدوا أن أعلى نقطة ظل في اليوم تُقَدَّر عند الظهيرة وهي الثانية عشر مساءًا ، وبالتالي فإن أقل نقطة للظل تكون عند منتصف الليل،

ومن هنا جاءت فكرة تقسيم اليوم إلى صباحًا ومساءًا تبعًا للساعة الشمسية التي تعمل لمدة اثني عشرة ساعة، يتواجد خلالها الظل وحين تختفي في نصف اليوم الآخر “ليلًا”يختفي معها الظل.

متى ينتهي وقت صلاة العشاء

اتجه أكثر العلماء إلى كون صلاة العشاء يمتد آداؤها إلى نصف الليل، مما جعل الكثيرين يظنون أن نصف الليل هنا هو منتصف الليل المعهود عند الثانية عشر صباحًا، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح بالمرة، بل المقصود به ما يلي:

• نصف الليل الذي يقصده العلماء هو نصف عدد الساعات التي تقع ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر، ومن ثَم يحسبها المسلم كالتالي.
• إن كان غروب الشمس مثلًا يبدأ في السادسة مساءًا وطلوع الفجر يكون في الخامسة صباحًا، فتكون تلك الفترة مُساوية لأحد عشر ساعة.
• هنا نصفها يُقَدَّر بالخمس ساعات ونصف، فيَجمع تلك الساعات على وقت غروب الشمس أي السادسة، فيكون الناتج هنا الساعة الحادية عشر والنصف.
• يجدر بنا أن نُشير إلى أن تلك الساعة حتمًا تختلف بتباين الفصول والبلاد كذلك، وبحسب مواقيت الصلاة لكل دولة في العالم، ولذلك يجب على المسلم أن يحسب تلك الفترة كما وضحنا بحسب موعد الغروب لديه وطلوع الفجر.

متى يبدأ قيام الليل

اختلف العلماء على أداء تلك النافلة العظيمة، فاتجه فريق منهم إلى أنها تبدأ بعد صلاة العشاء، واتجه البعض الآخر إلى كونها تبدأ بعد صلاة المغرب، ولكل منهم إسناده كالتالي:

استدل فريق ما بعد صلاة العشاء على قول السيدة عائشة رضي الله عنها حين قالت “كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصَلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء “العتمة”إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، ويُسَلِّم بين كل ركعتين ويُوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شِقِهِ الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة”، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

كما استدلوا بخطبة سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه حين قال إن أبا بصرة قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر” رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.

أما عن مذهب الحنابلة واستدلوا بقوله تعالى في سورة المزمل “يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلًا، نصفَهُ أو انقص منه قليلًا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلًا” ، وبما أن الليل يبدأ بغروب الشمس فيجوز صلاة تلك النافلة مع انتهاء صلاة المغرب.

أهمية الليل في تحديد الشهور القمرية

يختلف شكل القمر كل ليلة عن التي تسبقها أو تليها فيبدأ الشهر القمري بظهور الهلال، ويبدأ في الزيادة بشكل تدريجي، حيث يأخذ كل طور حوالي ثلاثة أيام حتى يصل إلى اكتماله، فيبدو بدرًا في السماء عند منتصف الشهر الهجري، ثم يبدأ في التلاشي مرة أخرى إلى أن يعود إلى طور الهلال في بداية الشهر الجديد.

هكذا تستمر تلك الكرَّة بناءًا على دوران القمر حول الأرض تزامنًا مع دوران الأخير حول الشمس، والتي بدورها تُسقِط الضوء على القمر ليعكسه على الأرض، ومن ثم يتم تحديد الشهور القمرية باستطلاع الهلال.

آية الليل تتجلى فيها عظمة الخالق، وقد استند إليها العلماء سواء في أصول الدين أو الفلك على تحديد العديد من الأشياء أبرزها الصيام والصلوات وشهور السنة القمرية،

وبحسب كل مجال فقد اختلف توقيت تحديد الليل، ومن ثم بات الكثيرون يتساءلون عن متى يبدأ الليل فلكيا وما هو الليل تبعًا للشريعة الإسلامية؟، وما علاماته التي نُستدل بها في تطبيق الفرائض والنوافل