صحة حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

أ / عمرو عيسى

إن صحة حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة من الأحاديث التي بها جدل.. فقد وُجِدَ عدد من الروايات والمواضع المختلفة لهذا الحديث.. كما أن الإغفال عن الموضع الأصلي لها جعل من فهمه فيه شيء من الخطأ .

صحة حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

الأحاديث النبوية من الأمور التي يجب التعمق في تفسيراتها بشكل صحيح، وذلك حتى لا يقع الفرد في الخطأ.. حيث إن عدم معرفة موقع الحديث المناسب، والذي ورد به قد تجعل له عدة معاني مختلفة.. وهو ما يجعل بعض الأفراد يفسرون الأحاديث حسب أهوائهم.

إن الوقوع في مثل هذا الخطأ من الأمور العظيمة ، والتي يجب تجنبها قدر الإمكان.. بل يجب على كل مسلم أن يبحث عن المعنى المقصود به في الأحاديث النبوية، حيث إنها عبارة عن كافة التجارب والمواقف التي مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بها.

فيمكن القول أنها خلاصة تجارب حياة الرسول التي يمكن الرجوع إليها في حياتنا، وذلك للتعرف على أفضل الحلول، أو أقربها حسب الفترة الزمنية التي نعيش بها في الوقت الحالي.

من الجمل المتواجدة بإحدى الأحاديث، والتي هي محل خلاف للبعض جملة ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) .. حيث قام البعض من أصحاب العلم القليل بالنظر إلى تلك الجملة على أنها انتقاص من قدرة المرأة على العمل، أو توليها أي منصب.. وذلك نتيجة قلة خبرتها القيادية مقارنة بالرجال.

لكن الحديث لا يقلل من قدرات المرأة القيادية .. حيث توجد الكثير من النماذج المختلفة التي أثبتت أنها أفضل من بعض الرجال، وقد ظهر ذلك في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.. فقد قام عدد ليس بقليل منهن بالتضحية بمالهن وحياتهن من أجل الإسلام، وأكبر دليل على ذلك ما فعلته السيدة خديجة -رضي الله عنها-.

لا يفوتك أيضًا:  معتقدات و مفاهيم خاطئة عن الاسلام

صيغة الحديث ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )

ينظر البعض إلى جزء صغير جدًا من الأحاديث.. وهو الأمر الذي يجعل من فهم الحديث بصورة صحيحة أمر شبه مستحيل ببعض الحالات.. فقد قام أبي بكر ة -رضي الله عنه- برواية هذا الحديث حيث قال:

(لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ . قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً).

حيث يظن البعض أن الحديث يقصد به أن المرأة لا تصلح أن تتولى أي نوع من الأعمال الهامة، وهذا غير صحيح.. فبظهور الإسلام ظهرت الكثير من الحقوق المدفونة لحقوق المرأة.

فقد كان الإسلام هو الدين الأول الذي جعل للمرأة ذمة مالية خاصة بها، كما أنها أصبحت والية على كافة أملاكها وأموالها إذا كانت قادرة وعاقلة.. وهو ما يؤكد مساواة المرأة مع الرجل.

ومن جانب آخر لم يفضل الإسلام تولى السيدات المناصب الكبيرة المتعلقة بالقرارات الهامة كالحكم أو القضاء .. وذلك كما موضح بالحديث، فعلى الرغم من وجود نسبة قليلة منهن يمكن الاعتماد عليهم، إلا أن أغلب السيدات يميلون إلى العاطفة بشكل كبير.

حيث إن كون المرأة تميل إلى العاطفة أكثر من الرجال ستتأثر أغلب القرارات الهامة لها، وبالتالي تأثر بعض القبائل أو الدول بالوقت الحالي بصورة سلبية، لذلك جاء الدين الإسلامي ببعض التعاليم التي تصرح للمرأة تولي بعض القرارات المتعلقة بها أو بمن تكون بيدها ولايته كأطفالها.

كما حصلوا على الحق في بدء أعمالهم الخاصة.. بالإضافة إلى اتخاذ بعض القرارات في أمور الشورى بالأمور الهامة منها الانتخابات .

لا يفوتك أيضًا:  أدعية النبي عند الابتلاء

موضع حديث ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )

نتيجة لكون تلك الأحاديث تجارب وقصص في حياة الرسول ، والتي يتم الرجوع إليها لإيجاد الحلول المناسبة بعد تفسيرها نجد أن لهذا الحديث موقف محدد، وهو ما جعل الرسول يتلو هذا الحديث.

حيث قام الرسول بإرسال رسالة إلى هرقل والمقوقس.. واللذان قاما باستقبال سفير النبي، بينما لم يفعل كسرى.. فقام بتمزيق الكتاب وقتل السفير، وبعد موته على يد ابنه تولت الابنة الحكم، حيث إن الابن بدوره قد مات بعد أن قام بشرب إناء به سم.. والذي تم كتابة عليه إكسيل الحياة من قبل والده قبل موته.

بذلك نجد أن كلًا من الأب والابن قد قام بقتل الآخر.. وعندما علم الرسول بتولي ابنته للحكم قال هذا الحديث.

لا يفوتك أيضًا:  حديث عن الصبر على البلاء وضيق النفس

مبطلات شبه الحديث

توجد بعض السندات والمواقف المختلفة التي مرت على التاريخ الإسلامي ، والتي يمكن الاستنتاج منها على أن هذا الحديث صحيح.. بالإضافة إلى ما الذي يشير إليه، فعلى سبيل المثال نُشِرَ هذا الحديث من قبل أبو بكرة، والبخاري، والنسائي، فمنهم من علماء الدين.. ومنهم من صحابة الرسول .

كما توجد بعض النقاط الهامة الإضافية التي تؤكد حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة .. منها:

  • تولى الأعمال الهامة كالقضاء والحكم بأغلب الدول حول العالم تحتاج إلى بعض الشروط الهامة، والتي من أهمها أن يكون القاضي أو الحاكم رجلًا.. وذلك لما يتميز به الرجال من حكمة أكبر من النساء، وتمام العقل.
    حيث إن التكوين النفسي له عامل كبير في الاختيارات المصيرية، خاصة إذا تعلقت بشخص آخر.
  • عدم وجود نص في القرآن يخالف هذا الحديث.. فقد تم المساواة في كل منهما بين النساء والرجال، كما حددوا الأعمال الأصلح لكل منهما.. وهو ما جعل حِمل الأعمال الصعبة التي تحتاج إلى قوة جسدية ونفسية أكبر إلى الرجال، بينما الأعمال الهامة والتي تتسم بالسهولة إلى النساء .
  • لم نجد في تاريخ الدولة الإسلامية من تولت خلافة الدول، وحتى إن وجدت فكان الأمر يتم بمساعدة أحد الرجال المقربين.
  • لم يقم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بإسناد أمور الحكم أو القضاء إلى امرأة، حيث تم الاعتماد على نظام الخلافة .. ولكن كان للمرأة دورًا في بعض المسائل الهامة، حيث كانوا يبدون آراءهم في أوقات المشورة الهامة.

بذلك نكون قد قدمنا لكم حول صحة حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة .. وما صيغة الحديث كاملة، بالإضافة إلى الموضع الأصلي للحديث.. وما هي مبطلات شبهته.

أ / عمرو عيسى

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *