قصة هاروت وماروت مكتوبة كاملة

Toka Mohamed

والتي اشتهر أصحابها بالسحر، حيث أنهم أول من استخدموه، وذكرت هذه القصة في كتاب الله عز وجل بالتفصيل، وذكرها ابن كثير في كتاباته، وهي أكثر القصص المشهورة عن السحر وسوف نشرح بالتفصيل من هم هاروت وماروت وما هي أفعالهم وهل هي صحيحة، أم هي من حكاوي وادعاءات بني إسرائيل.

هاروت وماروت هما ملكان نزلا من السماء في أرض بابل، وقد أنزل الله عليهم السحر لكي يمتحن به الناس ويكون ابتلاء لهم، وقد ذكرت هذه القصة في القرآن الكريم، لكنها ذكرت في موضع واحد وهو:

  • يقول الله عز وجل في كتابه، «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ».
  • نزل هاروت وماروت على أرض بابل في العراق، كانوا يقولون للناس أنهم فتنة الله في الأرض فلا تكفروا، وقد ذكر علم السحر بأنه مضرة للناس أكثر منه منفعة، ولا يوجد له أي منافع دنيوية أو دينية، وشر هذا السحر أكبر بكثير من نفعه وليس له داعي من الأساس.
  • فضل اليهود رغبتهم في استخدام السحر في الحياة الدنيا عن رغبتهم بالآخرة، حيث أنهم استحبوا الحياة، وقد دلت آيات القرآن الكريم على هذا، وقد صرح اليهود بأن الله هو من أنزل جبريل وميكائيل بالسحر، لكن الله سبحانه وتعالى نفى ذلك الأمر.

شاهد أيضاً:  قصص دينية للأطفال هادفة (قصة أصحاب الجنة)

قصة هاروت وماروت في القرآن الكريم

من القصص الأكثر شهرة في القرآن الكريم وقد روتها كتب الكثير من العلماء والمؤرخين، هي قصة هاروت وماروت ، وسوف نقوم بسرد القصة على النحو التالي:

  • بدأت قصة الملكين عندما بدأ اليهود نبذ كتابهم التوراة، واتجهوا إلى عالم السحر والشعوذة ، وذلك في عهد النبي سليمان عليه السلام، وكان الشياطين هي من تساعد اليهود في أعمال السحر.
  • تعاون اليهود مع الشياطين جاء من خلال، صعود الشياطين إلى السماء لكي تسترق السمع من الملائكة وتنقل أخبار السماء إلى اليهود، وذلك قد أدى إلى زعمهم بأنهم يعلمون ما في الغيب، لأنهم كانوا يخبرون الناس بما سوف يحدث في المستقبل.
  • أنزل الله سبحانه وتعالى في هذا الوقت هاروت وماروت، ليقوموا بتعليم الأشخاص السحر، وذلك ابتلاء لليهود حينها، ومعرفتهم بالفرق بين السحر والمعجزة، والفرق أيضاً بين كلام السحرة وكلام الأنبياء المرسلين من الله عز وجل.
  • قام هاروت وماروت بنصح كل من أراد تعلم السحر، بأن الله قال أنه ابتلاء لهم ومن تعلمه ومارسه قد فقد آخرته، ومن تعلم ولم يمارسه قد نال ثواب صدقه.
  • تعلم الناس السحر، وقاموا بالعديد من الأشياء التي لديها القدرة على إيذاء الناس والتفريق بين الزوجين، وقد سخروا السحر أحيانا في منافعهم الشخصية، لكن كانوا يعلمون أن لا يحدث شيء من هذا السحر، إلاّ بأمر من الله سبحانه وتعالى.
  • اختار اليهود في ذلك الوقت الانشغال التام بالسحر، وزعمهم أن من يستبدل كلام الشياطين بكلام الله عز وجل لا يكون له نصيب من الجنة، واختيارهم للسحر بدل من كتاب الله تعالى، ولبئس ما اختاروا لأنهم لو آمنوا بما أنزل الله تعالى لكان هذا خيراً لهم.

أسباب نزول قصة هاروت وماروت في القرآن

لا توجد أي ثغرة على الأرض، إلا وكان لها سبب وشرح عنها في القرآن الكريم، حيث يوجد العديد من القصص التي يبلغنا بها الله سبحانه وتعالى، وذلك لأخذ العبرة والموعظة منها، ومن بين هؤلاء القصص، قصة هاروت وماروت، فلماذا أتت ذكرها في القرآن الكريم وما هو سبب ذلك؟

  • سؤال النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان دائماً عن السحر، لذلك أمر الله عز وجل لتنزيل الآية الكريمة.
  • زعم اليهود بأن النبي سليمان ، ليس نبيًا وإنما هو ساحر عظيم قد سخر الشياطين والجن لخدمته مثل الكهنة، لذلك كان نزول الآية ردا على هذه التأويلات، وبراءة النبي سليمان مما نسب إليه.
  • تفريق الأشخاص بين السحر والمعجزات التي تحدثها النبوة.

شاهد أيضاً:  قصة اسلام أبو سفيان بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة

مكان نزول هاروت وماروت إلى الأرض

قصة هاروت وماروت

أنزل الله سبحانه وتعالى هاروت وماروت في بابل، ونزلوا في كهف أو مغارة،  وسمي البئر ببئر هاروت وماروت، ويدعى أنهم نزلوا في مغارة كبيرة يقوم الكثير من اليهود بفعل الطقوس الدينية التي تحدث فيها مثل:

  • يمكث اليهود في المغارة لفترة كبيرة تتراوح بين الأربعين يوماً، يتعلمون السحر في هذه الفترة، ويقومون بأعمال كثيرة، وتسمى هذه الخلوة “البرهتية” .
  • يأتي إليها الكثير من الأشخاص اليهود، واللذين يتعلمون السحر والشعوذة في هذا الكهف.

قصة هاروت وماروت في الأرض

بدأت قصة هاروت وماروت في الأرض عندما سمع أحد الصحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول: “إن آدم عليه السلام لما أنزله الله إلى الأرض قالت الملائكة أي رب ”أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ”قالوا ربنا نحن أطوع لك من بني آدم، حينها قال الله تعالى للملائكة، هلموا ملكين حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان، قالوا ربنا هاروت وماروت، فكانت القصة على هذا النحو:

  • هبط هاروت وماروت إلى الأرض، حينها مثلت لهما الزهرة امرأة جميلة من أجمل البشر لكنها كانت كافرة تعبد الأصنام، وعندما سألاها نفسها رفضت إلا أن يشركوا بالله العظيم، فقالوا لا فذهبت عنهما.
  • رجعت المرأة الجميلة بصبي تحمله إليهما، عند إذن سألاها عن نفسها مرة أخرى، فرفضت إلا حين قتلهما لهذا الصبي فقالوا لا نقتله أبداً، فذهبت عنهما مرة أخرى.
  • عادت مرة أخرى المرأة وكان معها قدح من الخمر لتقدمه لهم، و سألها نفسها أيضاً فقالت لا حتى تشربوا من هذا الخمر.
  • شرب الملكين هاروت وماروت من الخمر، وقتلا الصبي ووقعا عليهما، وعندما أفاق حينها قالت لهم المرأة أنهم لم يتركوا شيئا إلا وفعلوه حين سكروا، لذلك خيروا بين عذاب الآخرة وعذاب الدنيا فاختاروا عذاب الدنيا.

شاهد أيضاً:  قصة امرأة فرعون في القرآن بشكل مختصر

إبطال قصة هاروت وماروت في الأرض

قام ابن كثير والكثير من العلماء والمفسرين بإبطال هذه القصة وضعف الحديث الذي رواه الرسول الكريم، وهذا كان استنادا لبعض الأمور التي سنذكرها وهي:

إبطال القصة من ناحية السند

عندما قام الكثير من المفسرين بتفسير هذه القصة، حيث كانت تفتقد السند وأنها غير مقبولة وتعتبر باطلة، ومن كان يروى هذه القصة لو صح سنده فهو باطل أيضاً ومحكي عن اليهود، وقد فسر العديد من العلماء القصة بأنها:

  • الكثير من المفسرين الذين قاموا بتفسير قصة هاروت وماروت، حيث ذكروا أنّ المرأة الجميلة عندما سألها عن نفسها فأبت إلا عندما يعلمها الاسم الأعظم، وعندما قالته قد رفعت إلى السماء وأصبحت كوكبا، وذكرت على أساس التحديث والحكايات عن بني إسرائيل.
  • الحافظين ابن حجر والسيوطي: قولهم ناتج عن تمسكهم بالقواعد وتشددهم من غير النظر بثبوت ذلك، حيث أنهم لا ينكرون أن بعض أسانيد القصة صحيحة وتابعه للصحابة،  إلا أن مرجعها ومخرجها الأصلي نابع من إسرائيليات بني إسرائيل، لأنهم يعتمدون الخرافات، وذلك يبين حتى وإن صح سندها بطل، وتكون باطلة في ذاتها.
  • الحافظ ابن كثير: يقول ابن كثير في تفسيره لهذه القصة، أنه قصها عدد كبير من المفسرين المتأخرين والمتقدمين ومضمون القصة وتفاصيلها ناتجة عن حكاوي بني إسرائيل، وليس لها أي أحاديث مرفوعة وصحيحة ومتصلة بسند، وقد جاءت القصة في القرآن الكريم، ونحن لا نؤمن إلاّ بما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى.

إبطال القصة من الناحية الشرعية

أبطل العلماء والمفسرين قصة هاروت وماروت من الناحية الشرعية، وذلك بموجب ملاحظتين هما:

  • القصة تتعارض بكل وضوح مع ما ورد في القرآن الكريم، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم حديثه عن نزول سيدنا آدم إلى الأرض وقول الملائكة لله “أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم وأنتم لا تعلمون”، وهذا يدل على نزول هاروت وماروت الأرض بعد آدم عليه السلام، في حين أن القرآن يدل على نزولهم قبل خلق آدم عليه السلام إلى الأرض.
  • اليقين منا أن الملائكة لا تفعل الفواحش قط، وأن هاروت وماروت ملكين لم يفعلا شيء إلاّ بأمر من الله سبحانه وتعالى، حيث قال الله في كتابه الكريم عن الملائكة ”بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون”، وقال أيضاً ”لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون”.

إبطال القصة من ناحية الرواية

يوجد تتضارب كثير في محتوى القصة وتتضارب في كثير من أوضاعها، ومن هذه الأوضاع:

  • الاختلاف على زمن الرواية:  فمنهم من يقول أنها في زمن إدريس عليه السلام، وتنص روايات أخرى على أنها كانت في زمن سليمان عليه السلام، والزمانين بينهم مسافة كبيرة وقرون عديدة، حيث أن زمن إدريس عليه السلام كان في أوائل سلسلة النبوة وكان أول من أعطي له النبوة، وذلك بعد سيدنا آدم وشيت عليهما السلام.
  • الاختلاف في مدة استمرارية الملكين على طاعة الله عز وجل في الأرض : حيث أن بعض الروايات تقول، أنهما لم يأتي عليهما المساء حتى فعلوا كل ما نهيا عنه، ورواية أخرى تحكي أنهما لبثا في الأرض زمانا يحكمون فيه بين الناس بالعدل.

إبطال القصة من الناحية العقلية

يوجد اضطراب أيضاً في قصة هاروت وماروت من الناحية العقلية، حيث يوجد كثير من الأمور والحيثيات التي لا نستطيع تصديقها مثل:

  • تقول الملائكة “لا تقدر على فتنتنا” وهذا يعني بعد الملائكة التام عن أي معصية، حيث نزه الله سبحانه وتعالى عن ارتكاب المعاصي، فكيف بالكفر وهو ذنب أكبر بكثير من المعصية ولا يغتفر.
  • يقول الفخر الرازي، أعجب الأمور التي فعلها هاروت وماروت هو قولهم بأنهم يعلمان الناس السحر، رغم أنهم معاقبان من الله سبحانه وتعالى ويعذبان، ولا يقدر أي إنسان أو ملاك من الملائكة إلى فعل شيء إلا بإذن الله وبأمره.
  • تشير القصة إلى أن بني إسرائيل يدعون أن المرأة الجميلة زهراء رفعت إلى السماء كوكبا، وقد خلق الله النجوم والكواكب ومنهم الزهرة حين قام بخلق السماء.

تعرفنا على قصة هاروت وماروت مكتوبة بالتفصيل، وما هي القصة الحقيقية لهم وما هي الخرافات التي زعمتها روايات بني إسرائيل عن هذان المليكان هاروت وماروت، وهذا يقينا منا وإيمانا بما ذكره لنا القرآن الكريم في آياته.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *