لقمان هل هو نبي أم عبد صالح ؟ وما هي قصته

أ / عمرو عيسى

يتساءل الكثيرون حول الطبيعة والرسالة التي جاء بها سيدنا لقمان، وهل هي دلالة على نبوته، أم أنه مجرد رجل وعبد صالح جعل الله قصته وحكمته رسالة للمؤمنين، مثل سيدنا الخضر، وهذا ما نكشف عنه من خلال هذا المقال.

لقمان هل هو نبي أم عبد صالح

سيدنا لقمان، هو أحد الرجال الصالحين الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه الكريم، والذي يدل على مدى أهميته ومكانته العظيمة والجليلة عند الله عز وجل، مما جعل البعض يظن أنه نبي، بينما أتجه القول الراجح لدى أغلب العلماء إلى أنه عبد صالح، والله أعلى وأعلم.

لقمان هل هو نبي أم عبد صالح

قامت دار الإفتاء المصرية بإصدار الفتوى التالية برقم 9211، والتي جاءت بعنوان هل لقمان نبي أن ولي؟

“المتفق عليه أن الله آتاه الحكمة وسجل وصيته في القرآن إشادة بها وتقريرا لها، وجمهور العلماء على أنه كان وليا ولم يكن نبيا، وقال بنبوته عكرمة والشعبي لأنها هي الحكمة التي آتاها الله إياه، ولكن الصواب كما ذكره القرطبي في تفسيره ل ”ج 14 ص 59 ”أنه رجل حكيم بحكمة الله تعالى، ومهما يكن من شيء فلا يضرنا الجهل بذلك، والمهم هو الاقتداء بسيرته والأخذ بحكمته”.

كما قد أفادت بعض مراكز الفتوى الأخرى، بكونه ليس نبيًا وإنما هو عبد صالح، حيث في قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ [لقمان: 12].

قد أكد على هذا القول كلام ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية”، حيث قال نصًا ما يلي:

“هو لقمان بن عنقاء بن سدون، ويقال: لقمان بن ثاران…وكان نوبيا من أهل الصلاح، ذا عبادة وعبارة وحكمة عظيمة، ويقال: كان قاضيا في زمن داود عليه السلام فالله أعلم، وعن عكرمة عن ابن عباس أنه كان عبدا حبشيا نجارا من سودان مصر، ثم قال: والمشهور عن الجمهور: أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا، وقد ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم وأثنى عليه وحكى من كلامه”.

لا يفوتك أيضًا:  ما اول وصيه وصى بها لقمان ابنه ؟

حول سيدنا لقمان

كما ذكرنا هو أحد عباد الله الصالحين، ذات المنزلة والمكانة عند الله عز وجل، حيث إن الله عز وجل قد اختص سورة من القرآن الكريم كاملة باسمه، وتتناول قصته، والتي جاءت فيها الكثير من العظة والعلم والنصيحة والإرشاد، والتي تعد وثيقة أخلاقية قدوة ومرجع لكل عبد مؤمن صالح، كما نتناول المزيد من المعلومات حوله من خلال النقاط التالية:

لقمان هل هو نبي أم عبد صالح

  • عمل سيدنا لقمان بالنجارة طوال حياته.
  • كما عمل برعاية الغنم إلى حين وفاته.
  • سيدنا لقمان هو أحد خلفاء الله على الأرض.
  • هو رجل صالح حريص على طاعة الله، وعبادته حق عبادة.
  • وهبة الله عز وجل الحكمة.
  • لم يكن عاصيًا، كما أنه عمل على الدعوة إلى الله عز وجل.
  • كان مقتديًا بالأنبياء وطائعًا لرسل الله عز وجل.
  • ساعد في هداية الكثيرون من الناس إلى طريق الحق.
  • عمل على تعليم الناس الحكمة التي تلقاها عن الله سبحانه وتعالى.
  • وردت قصته في القرآن الكريم في سورة كاملة تحمل اسمه، والتي جاءت على صورة نصائح ووصايا على لسانه.

وصايا لقمان

قدم سيدنا لقمان عدد من الوصايا والنصائح لابنه في نسق وعظي رائع، والتي جاءت كوثيقة ودستور أخلاقي لكل مسلم، حيث قدمها هذا العبد الصالح إلى ابنه وسجلها الله عز وجل في كتابه للمسلمين من وراءه، والتي كانت عبارة عن تسع وصايا رئيسية وهي كما يلي:

لقمان هل هو نبي أم عبد صالح

الوصية الأولى

  {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13].

بدأ سيدنا لقمان بعظة ابنه عن طريق القول الحسن اللين القريب من القلب، والذي فيه دعوة للطريقة الصحيحة للنصح من خلالها، حيث قوله يا بني ، ليليها بأهم وصية وهي عدم الشرك بالله عز وجل لما في ذلك من ظلم كبير للنفس.

الوصية الثانية

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [لقمان: 14].

في الترتيب القرآني إشارة إلى الأهمية والأولوية الحاصل عليها كل وصية من الوصايا، والتي شرف الله بها قيمة طاعة الوالدين وبرهم فيما يلي عدم الشرك مباشرة، وذلك لمدى الألم والعناء الذي يواجهه الآباء وخاصة الأمهات من أجل الأبناء.

لا يفوتك أيضًا:  موضوع بحث عن لقمان الحكيم

الوصية الثالثة

{ يا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 16].

يشير سيدنا لقمان إلى مدى اطلاع الله عز وجل على عبادة وعلى أبسط حركة وفعل والتي تصل إلى مثقال ذرة سبحانه وتعالى، والذي يعكس أهمية تقوى الله عز وجل، وإقامة حدود الله وتقواه في السر والعلن.

الوصية الرابعة

{ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ } [لقمان:17 ].

يعظ لقمان ابنه ويحثه على إقامة الصلاة، والتي فيها صلاح حال المرء، والتي هي ركن أساسي من أركان الإسلام، كما أنها أهم عبادة من عبادات الإسلام.

الوصية الخامسة

 { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [لقمان: 17].

جاءت الوصية الخامسة والتي ينص فيها سيدنا لقمان على مركزية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأنه لا صلاح لعبد ما لم يحدث من حوله للأمر بالمعروف والخير وطاعة الله عز وجل، ورفض المنكر وإعلان ذلك ومحاولة منعه والنهي عنه، على الرغم من مدى الأذى الذي يلاقيه فاعل هذا الأمر، فيثب قدمه بقوله إن الصبر من صفات أولو العزم، وهم الأنبياء، لذا اصبر وتحمل ما تلاقيه من مصاب في سبيل الله عز وجل.

الوصية السادسة

 { وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا } [لقمان: 18].

يتناول سيدنا لقمان بصيغة مختلفة في إيصال المعنى، وهو من خلال النهي عن تعابير ولغة جسد تعكس صفة خبيثة تسيطر على بعض البشر، وهي أن يتفاخر الشخص بنفسه إلى حد يجعل خده مصعر للناس أي رأسه مرتفع لأعلى بشكل فيه من الكبر ما ينافي أخلاقيات المسلم المتواضع لما فيه من تعالى على البشر.

الوصية السابعة

{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [لقمان: 18].

كما ينهاه عن المرح والمقصود به المعنى السلبي والذي فيه نسيان المرء لنفسه وحجمه في الأرض ومكانة أمام الله عز وجل، متفاخرًا بما لا يملك منه شيء، وإنما هو من فضل الله سبحانه وتعالى، ولما في ذلك من صفات يكرهها الله.

الوصية الثامنة

{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ } [لقمان: 19].

هنا بدأ سيدنا لقمان في وعظ ابنه، عن الكيفية الصحيحة لحركة المسلم بعد ما نهاه عن الهيئة التي يكرهها الله في الظهور، والتي تتمثل في القصد في المشي والاعتدال والتواضع فيه.

لا يفوتك أيضًا:  حكم لقمان الحكيم

الوصية التاسعة

{ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ* إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } [لقمان: 19].

في ختام معرفة لقمان هل هو نبي أم عبد صالح، يحث على آداب الحديث وسمات المؤمن، حيث ينهاه عن رفع صوته، بأمره له بالغض من الصوت، وهو التحكم في الصوت والتحدث بالقدر الواضح القوي الذي يسمح للآخرين بالسماع ولكن دون مبالغة، لما في ذلك من محاكاة لصوت الحمير، وفي ذلك التشبيه ما يدل على كراهة الصوت المرتفع للمسلم.