محتوى المقال
كيف يمكن معالجة ظاهرة التطرف ؟ وما أسبابها؟ نحن بحاجة إلى استراتيجية جديدة لمنع التطرف في الدول الهشة على وجه الخصوص، إذا تمكنا من التخفيف من الظروف الأساسية التي تسمح للتطرف بالظهور والانتشار في هذه الدول، فستكون الدول المتقدمة أقرب إلى الخروج من الحلقة المكلفة للاستجابة الدائمة للأزمة، بالرد على التهديد المتزايد للتطرف قبل نشوئه.. فالوقاية خير من العلاج.
نحتاج إلى استراتيجية جديدة لمنع انتشار التطرف الذي يهدد أوطاننا ومصالحنا الاستراتيجية وقيمنا، على أن التركيز الحالي على مكافحة الإرهاب لا يزال أمرًا ضروريًا، لكنه ليس كافيًا ولا فعالًا من حيث التكلفة، فالمطلوب هو النهج المتبع الذي من شأنه أن يسبق المشكلة.
هذا لأن الإرهاب ليس التهديد الوحيد الذي نواجهه، الإرهاب عرض، لكن التطرف -وهو أيديولوجية تدعو إلى فرض نظام شمولي يهدف إلى تدمير المجتمعات الحرة- هو بذاته المرض الذي يتفاقم بمرور الوقت ويشمل أنواعًا شتى، التطرف يفترس الدول ويساهم في الفوضى والصراع والإكراه الذي يقتل الأبرياء ويستنزف الموارد ويمنع الفرص المستقبلية.
لذا لتقليل إنفاقنا من الدم والأموال، والحماية من التهديدات المستقبلية المحتملة، والحفاظ على القيادة والقيم يجب أن نسعى لمنع التطرف من التجذر في المقام الأول.. هكذا يمكن معالجة ظاهرة التطرف.
كما يجب أن يكون الهدف من النهج الوقائي هو تقوية المجتمعات المعرضة للتطرف حتى يصبحوا معتمدين على أنفسهم، وأكثر قدرة على مقاومة هذه الآفة، وحماية مكاسبهم الاقتصادية والأمنية التي حصلوا عليها بشق الأنفس.. حتى لا ينتقل هذا التطرف إلى المجتمعات الأخرى بأسرها فيصبح وباءً معديًا، يُمكن التصدي إلى ظاهرة التطرف من خلال الآليات الوقائية التالية:
اللبنة الأولى في بناء المجتمع ليكون متماسكًا، رغم كونها من أصغر المؤسسات إلا أنها بحق تعد أهمها، فالدور الإيجابي الذي تلعبه في الوقاية من الانحراف والجريمة لا يضاهيه دور آخر من أي من المؤسسات.
فهي المسؤولة عن تكوين شخصية الفرد وما يُرسخ في ذهنه من معتقدات، وهي أيضًا المسؤولة عن الترابط الذي لا يخول لأحد أفرادها أن ينحل عنه.
لا يقتصر دور الأسرة على مراقبة أبنائها، وتعنيفهم إن أخطأوا، أو متابعة تصرفاتهم فحسب، بل يتعدى ذلك الكثير لنشير إلى “متطلبات الأمانة الأبوية” بإسقاط تلك الحواجز النفسية والفكرية لفتح مجال لتعمق الآباء في تفاصيل أبنائهم، فيتسنى لهم معرفة حقيقة ما يدور في عقولهم، وفلترة ما يتلقونه من مؤثرات خارجية سلبية.
ربما نذكر هنا (التعاملات الذكية) التي تتسنى للأسرة اتباعها مع النشء، والتي تنطوي على ما يلي:
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن الإرهاب بالعناصر
ذات أهمية بالغة لا يُستهان بها، ومن هنا قدمنا ما يتسنى لها من آليات في معالجة ظاهرة التطرف إثر نشوبها وقبل تفاقمها، من خلال ما يلي:
لا يخفى على العاقل أهمية تفعيل الدور الديني في علاج ظواهر الانحراف والتطرف الفكري والسلوكي، مع بيان مسؤولية المسلم في مواجهة تلك الظاهرة، ومن المحاور التي تتضح فيها ذلك الدور الجليّ ما يلي:
لا يفوتك أيضًا: مطوية عن التميز السلوكي
غنى عن البيان أن الإعلام من أهم الأسلحة التي بشأنها مواجهة التطرف في كافة جوانبه، هذا في ظل تأثر المواطنين كافتهم بما يُذاع على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فالفئة الإعلامية هي الأكثر تأثيرًا على عقول الأفراد، من هنا كان على الجهة الرقابية في وسائل الإعلام أن تلقي الضوء على الحقائق دون مبالغة منها أو تزييف، من خلال:
ما لم يتم استيعاب كافة ما يطرأ على ظاهرة التطرف من متغيرات، وما لا تزال الأيدي مكتوفة أمام مواجهتها بقليل من الحكمة وكثير من العقلانية، فإن تلك المشكلة من المحتمل الأرجح أن تتفاقم ويزداد حجمها.. فلم يعد من الممكن مواجهتها من خلال الوسائل التقليدية، هنا يُمكن التركيز على ما يلي:
التمييز ما بين التعامل مع الإطار الفكري للتطرف، الذي يقتصر على القناعات والتوجهات، وبين دائرة الممارسة السلوكية العنيفة الناتجة عن ترسيخ التطرف..
حيث إن أساليب التعامل مع الأخير تختلف عن سابقه، من الأفضل أن تتم مواجهة التطرف من خلال الأسلوب الدبلوماسي الأمني، أو من الأسلوب الفكري السياسي الذي يستند إلى الاستيعاب والإقناع والإصلاح الفكري.
القناعة بأن التطرف لا يعبر عن حالة في معزل عن السياق الثقافي العام أو السياق الاجتماعي، بل هو بطبيعة الحال واحد من النتائج المنطقية للخلل الحادث في هذا السياق، ما لم تتم معالجة الأسباب التي تعتبر أرض خصبة لانتشار الأفكار التطرفية لن تتمكن أي دولة من معالجة ظاهرة التطرف بكافة أشكالها.
لا يفوتك أيضًا: معتقدات و مفاهيم خاطئة عن الإسلام
عزم علماء النفس على التأكيد أن المتطرف لديه عجز في الرؤيا لأنه لا يرى سوى ما يتوق إلى رؤيته فحسب، وأي رؤية أخرى في اعتباره ليس لها وجود من الأساس، لذا تكون رؤيته أحادية.. الأمر لا يقتصر على شخص متطرف يجب تقويمه، بل هي ظاهرة يجب علاجها لكونها مهددة للأمن والاستقرار.
إن التطرف في الشريعة لم يرد بمفهومه، إنما ذكر عنه “الغلو” أي المغالاة، وهي الإفراط في الأشياء، أي الانحراف عما يجب أن تكون عليه، من هنا نجد أنه ليس للتطرف أي أصول شرعية، وهو الانحياز والتجاوز وعدم الوسطية.. فهو مناقض للمعايير الإسلامية.
كذلك يعني التطرف “الخروج عن القواعد” سواء كانت شفهية أو عرفية أو مكتوبة، وقد يكون تطرفًا سلوكيًا أو فكريًا.. وبأي حال فالتطرف الفكري يدفع إلى السلوكي.
حيث إن تجاوز حد الوسطية في الفكر الإنساني يترتب عليه سلوكيات ضارة في مختلف المناحي.. وعادة تنشأ ظاهرة التطرف إثر عوامل أساسية:
فالتطرف لم يقتصر على المجال الديني بل تطرف ليشمل كافة المجالات الاجتماعية والفكرية والسياسية والثقافية، بيد أن هناك أسبابًا أخرى فضلًا عما سبق سرده، تتجلى فيما يلي:
إن الله –سبحانه وتعالى- خلق المرء في أحسن صورة، وجعله سويًا في العقل والإدراك، وميزه بالإرادة، الأمر الذي من المفترض أن يقوده إلى الاستقامة، فلا شك أن التطرف منافيًا للطبيعة التي فطر عليها، فيجعله خارجًا عن تلك الاستقامة، مخلًا بموازينها.
مما يعني أن التطرف يُشكل آثارًا نفسية سيئة، تنغرس في الشعور اللانفسي، فتتصدع العلاقات بين المتطرف وذويه، كما تتصدع نفسه الداخلية أيضًا، ولم لا والموازين لديه منقلبة، فلا يرى الحق حقًا ولا ينظر إلى الواقع إلا شذوذًا.
وعليه، من أكثر ما يجعل التطرف خطرًا بالغًا، أنه بمثابة المرض، ففضلًا عن آثاره المحققة على المجتمعات، إلا أن هذا الاعتلال يجعل الإنسان خارجًا عن طبيعته.. وما أشد خطرًا من اعتلال الفكر!
لا يفوتك أيضًا: تعريف تعديل السلوك عند الأطفال ومعني الأساليب السلوكية؟
جاء الإسلام ليحفظ الضرورات الخمس، والتي من أهمها حفظ العقل.. ولما كان الشباب هم الفئة الأكثر تأثرًا وطواعية في الانقياد كان من الضروري أن يوجه الخطاب الديني إلى عقولهم، حتى يتخلص مما يبث فيها من السموم والأفكار الزائفة، والتي تعددت وسائلها خاصة في العصر الحالي.
قد اتفق الفقهاء على تحريم التطرف بشتى صوره، اقتداءً لما جاءت به الشريعة السمحة، والتي تارة كانت تنهى عن الغلو وتارة تحذر، فقد قال الله تعالى في سورة المائدة:
“ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) “.. وفي سورة البقرة: “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143)“.
كما قال أشرف الخلق –صلى الله عليه وسلم-: “قالَ يا أيُّها النَّاسُ إيَّاكم والغُلوَّ في الدِّينِ فإنَّهُ أهْلَكَ من كانَ قبلَكُمُ الغلوُّ في الدِّينِ“ (صحيح).
فقد حذر الإسلام حثيثًا من التطرف والمغالاة، ومن انعكاساته السلبية على الأفراد والمجتمعات، وحثّ على القراءة الواعية للنصوص الإسلامية.. مع التحذير من مصير المتشددين المتطرفين.
التحديات لا تزال قائمة.. لا يزال هناك ما يكفي من تحديد الأولويات أو التنسيق أو الاتفاق بشأن ما يجب القيام به لمنع التطرف، سواء داخل حكومات الدول منفردة أو عبر المجتمع الدولي.
ما هي استراتيجية منع التطرف في الحماية؟
حماية الأفراد من الانجرار إلى الإرهاب، وضمان حصول المعرضين لخطابات التطرف على المشورة والدعم في مرحلة مبكرة.
ما هي علامات التطرف؟
الانعزال عن العائلة والأصدقاء، عدم الرغبة أو عدم القدرة على مناقشة وجهات نظرهم، زيادة مستويات الغضب.
ما الذي يعتبر متطرفًا؟
الدعوة إلى تدابير أو آراء متطرفة بالمعنى السياسي أو الديني، للإشارة إلى أيديولوجية بعيدة عن المواقف السائدة في المجتمع.
تعليقات (0)