متى يكون الانفصال هو الحل؟ وعلام يستند هذا القرار

ماريهان أحمد

لا نريد شريكًا مثاليًا فلا أحد يبحث عن الكمال وهو ينتقصه، إنما نريد أبسط ما تحتاجه العلاقة الزوجية حتى تُكلل بالنجاح، فما إن لم تتوافر تلك الأركان الأساسية يكون الانفصال هو الحل الأكثر صوابًا.. يبدو أنه لا مجال للجزم بأن هناك أسباب بعينها تجعل الانفصال هو الحل الأمثل لها، حيث يعتمد على أمور أخرى ربما أهمها قدرة الزوجين على التفاهم.

متى يكون الانفصال هو الحل؟

قرار شخصي لا يمكن أن تكون له أسبابًا حتمية بل نسبية تختلف وفقًا للحالات، وهذا لا ينفي وجود بعض الأسباب الأكثر شيوعًا تلك التي تكون مدعاة لحالات الانفصال في كثير من الحالات..

ورغم ذلك فإن الانفصال لكونه يُخلف آثارًا لا يستهان بها يجب التفكير فيه برويّة وتأني، وأن يكون قرارًا ثنائيًا حتى لا يستتبع ظلمًا وإجحافًا للطرف الآخر.

إنّ أصعب قرار يراود الزوجين هو قرار الانفصال، فرغم أنه من المحتمل توافر الأسباب الكافية لاتخاذه إلا أن هناك أمور يطيل النظر في أمرها، كالعشرة ووجود الأولاد وما إلى ذلك.. كما أن ضرورة الانفصال ذاتها ربما لا يدركها كلاهما، مما يزيد من صعوبة الطرف الذي يرى في الانفصال حلًا له مما يعاني.

هنا لسنا بصدد الأسباب الواهية التي طالما نسمعها من الأزواج الهمج.. أولئك من يعتبرون الطلاق مزحة ولا يستشعرون شيئًا من التأني والحكمة قبل اتخاذ القرار ، فقط يعنينا من تتوافر لديهم الدوافع والأسباب الكافية التي تجعل من الطلاق ضرورة حتمية لا مناص من رفضها.

متى يكون الانفصال هو الحل؟ وعلام يستند هذا القرار

الأمر الذي يتطابق مع قاعدة أفضل الشرّين، فإن اعتبرنا الانفصال شرًا فهناك أسباب أكثر ضررًا من ورائه، كما أن العلاقة التي يكون فيها الانفصال هو الحل بطبيعة الحال استنفذ أطرافها كافة السبل التي من شأنها إصلاح ذات البيّن، وبقي التفاهم والمودة بينهما زائلًا.. ومن أشهر الأسباب التي تجعل الانفصال حلًا ما يلي:

عدم الرغبة في التمسك

عادةً ما يكون هناك أسبابًا على الأقل لدى طرف واحد من أطراف العلاقة تكون مدعاة للتمسك بالآخر.. هناك حب دفين، تعلق غير ظاهر، وما إلى ذلك من الأسباب التي تجعل النار بردًا وسلامًا وتعيد العلاقة الزوجية إلى سابق عهدها السليم مهما تفاقمت الخلافات فيها.

إلا أن العلاقة التي يرى فيها أحد الأطراف أو كليهما أن غياب شريكه لا يشكل فارقًا حتمًا سيكون فيها الانفصال هو الحل، عادة تكون تلك العلاقات غير مبنية على الحب من الأساس، إنما لمصالح بعينها فما إن انتهت تنتهي معها العلاقة.

لا يفوتك أيضًا:  هل يراقب الرجل حبيبته بعد الانفصال

فقدان الثقة

متى يكون الانفصال هو الحل؟ وعلام يستند هذا القرار

لا يشترط أن يكون نتيجة خيانة أحد الطرفين، فربما لا تثق في شريكك لأنه لم يفعل ما يجعله يستحق تلك الثقة منك.. عادةً ما يخذلك، لا يمثل لك أهلًا للاطمئنان والسكن، أي يكون الطرفان في علاقة يشوبها الشك ويغلب عليها عدم الأمان..

هنا يكون الانفصال هو الحل، وإن كان فقدان الثقة يعزو إلى تجربة الخيانة المريرة فإن الانفصال أدعى.

هذا لأن من أساسيات نجاح أي علاقة زوجية، أن يكون هناك أركان تجعلها بعيدة عن الانهيار، الحب والاحترام المتبادل والأمان والثقة.. تلك العواميد الأربعة التي ما إن هدم إحداها يستتبع هدم الآخر ومن ثم ينهار الصرح بأكمله.

لا مجال للتفاهم بعد

التفاهم هو الركن الركين في أي علاقة لا العلاقات الزوجية فحسب، فهو الذي تعود به العلاقات إلى أصلها الصحيح بعد أن كانت في منعطف الطريق، فالتفاهم أجدر من الحب وأدعى للاستمرار..

يعني أن هناك نقطة ما يمكننا الوصول إليها مهما ضلّ أحدنا الطريق، يشكل في أنفسنا اطمئنانًا بأن هناك مجالًا للتحاور والحديث وحل الخلافات مهما كانت في أوجّها.

ماذا عن غياب التفاهم؟ بالطبع سيكون الانفصال هو الحل، فكيف تتخيل علاقة زوجية أطرافها في نفور على الدوام، اتفقا فقط على الاختلاف، لا مجال للنقاش بينهما، ما إن افتتح حديث ما يكون مصيره النزاع والاحتدام..

هذا لا يمكن تخيل ما ستؤول إليه مثل تلك العلاقة، فإن كنّا بصدد أهون الشرّين فمن الممكن إنهائها قبل إهدار العمر في علاقة سامة.

لا يفوتك أيضًا:  كيف أعرف أن الطلاق خير لي؟ وما الأسباب التي تستحق الطلاق

الاستمرار فقط من أجل الأطفال

كثيرًا ما نسمع عن الزيجات التي تستمر فقط لوجود الأبناء، حيث يصعب على الزوجين أمر انفصال أبنائهما عن الكيان الأسري، لاسيما إن كان تعلقهما معًا بالأبناء كبيرًا فلا يسع لأحدهما أن ينفرد بتربيتهم.. هذا قرار صائب ولا خلاف على ذلك.

إلا أننا نشير إلى أن تربية الأبناء معًا تتطلب نوعًا من التآلف والمودة الملحوظة أمام ناظري الأطفال، فكيف لهم استشعار الدفء الأسري في أجواء صاخبة؟ بل كيف يتسنى للأبوين القدرة على منح الحب لأطفالهما في ظل غيابه بينهما.. فاقد الشيء لا يعطيه.

لذا إن استشعر الزوجان أن علاقتهما معًا مرهونة بأولادهما وأصبحوا الرباط الوحيد، فيجب أن يفكرا في قرار الانفصال، حتى لا يكون التنافر بينهما مستتبع بعض الخلافات المستقبلية التي لا تجعل الأطفال أسوياء ربما بصورة أكبر من تلك التي سيكونون عليها في حالة انفصال الأبوين.

غياب الزوج طويلًا

متى يكون الانفصال هو الحل؟ وعلام يستند هذا القرار

لا ننسى في ذكر الأسباب التي يكون فيها الانفصال هو الحل أن غياب الزوج عن زوجته إلى الدرجة التي لا تحتمل من شأنه التأثير سلبًا عليها بالقدر الذي يجعل الانفصال هو الحل الأمثل أمامها حفاظًا على عفتها وكرامتها وعمرها الذي على وشك الضياع

فإن كان الأمر بينهما متفق عليه قبل الزواج، نظرًا لطبيعة عمل الزوج وما شابه، فهي حرة فيما تختار.

حتى وإن لم تدرك توابع غيابه فلا أحد يمكنه محاسبتها على قرارها نحوه.. وإن كان الزوج مضطرًا إلى ذلك وما بيده حيلة فإن الأدهى أن تنتظره وتعينه على الصبر، بيد إن كانت هناك من العوامل ما تجعل كفة الزوج غير راجحة، وغيابه الطويل غير مبرر، وقد هجر زوجته بمفردها دون عذر منه، فإن لها أن تطلب الطلاق، حتى لا تقع فريسة الشيطان ووساوسه.

عدم احتمال طباع الشريك السيئة

عادةً ما ينصح الطرفين قبل الزواج بحسن انتقاء الشريك، فطباع البشر مختلفة، حتمًا لها جانب سلبي في صفة ما، يجب أن يفكر كلًا منهما هل سيتمكن من تحمل تلك الصفة والتعامل معها والتكيف! أم أنها ستصبح مع الوقت فوق طاقة احتماله مما يسبب بدوره الخلافات المحققة.

دعونا أن نضرب مثالًا.. إن كان الرجل الذي على وشك الارتباط به تضفي على شخصيته الطابع العملي أكثر من العاطفي، وأنتِ تعيشين خيالات جامحة في شريكك المصون، فكيف يتم الجمع بين طرفين متنافرين في علاقة؟ لا نسعى للتكامل المتطابق فالاختلاف صحيّ بطبيعة الحال إنما نسعى لقدر من التوافق.

من هنا إن لم ينتقِ كل من الطرفين الآخر على قدر من الرجاحة والتفنيد فإنه عُرضة لاكتشاف طباعه السيئة بعد الزواج، والتي تجد مجالًا لتكون أكثر وضوحًا من فترة التعارف والخطبة..

من الأزواج ما يتمكنون من تخطي الأمر ومحاولة الإصلاح، إلا أن البعض الآخر يعاني من صفات معينة في شريكه لا تتوافق معه بأي حال من الأحوال.. ليكون حينئذٍ الانفصال هو الحل الأمثل.

لا يفوتك أيضًا:  ما هي الأسباب التي تستحق الطلاق ؟

غياب الدعم وعدم القدرة على تحقيق الذات

أحيانًا تكون طموح كلًا من الطرفين مختلفة عن الآخر وهذا لا يمنع من علاقتهما الزوجية الناجحة، طالما أن كل طرف يُمثل داعمًا للآخر فيما يريد تحقيقه، إلا أن الأمر يصير مجحفًا بحق حينما يقف أحد الأطراف حاجزًا يحيل بين الطرف الآخر وأهدافه.

تتعدد الحالات هنا، فمن الممكن أن يكون الزوج راغبًا فقط في الدعم المعنوي من زوجته حتى يتسنى له النجاح فيما يرغب، إلا أنه لا يجد منها غير الإحباط والطاقة السلبية التي تُهبط من عزائمه، وعلى عكس الحال بالنسبة للزوجة.. من هنا وعندما يتفاقم الأمر بينهما يكون الانفصال هو الحل.

ماريهان أحمد

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *