شروط وأحكام الاعتكاف للرجال والنساء

أ / عمرو عيسى

شروط وأحكام الاعتكاف للرجال والنساء تساعدنا كثيرًا معرفتها مع بدء العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم، ففي هذا الشهر يعمل الكثير من الأشخاص على أداء الكثير من العبادات للتقرب من المولى عز وجل، ووردت العديد من الأحاديث التي تظهر لنا أهمية الاعتكاف ولما يقوم به المسلمون في هذه الفترة من هذا الشهر.

شروط الاعتكاف

شروط وأحكام الاعتكاف للرجال والنساء

هناك مجموعة من البنود التي وضعها الدين الإسلامي في مسألة تطبيق الاعتكاف، وتنقسم هذه الشروط ما بين مكان الاعتكاف والشخص المعتكف، ويمكن أن نتعرف إلى شروط كلًا منهما في الآتي:

1- الشخص المعتكف

هناك بعض البنود التي يجب أن تتوافر في الشخص حتى يقدر على الاعتكاف، وتتمثل هذه الشروط في الآتي:

  • يجب أن يكون الشخص المعتكف مسلمًا فلا يصح الاعتكاف للكافر.
  • البلوغ والتمييز، لا يكون من المشترط أن يكون الشخص المعتكف بالغ ولكن يكفي أن يكون مُميَز لما حوله، ولهذا السبب لا يصح الاعتكاف للصبي الصغير أو الغير المُميِّز.
  • أن يكون المعتكف عاقلًا.
  • أكد جمهور الفقهاء أنه يجب أن يكون المعتكف طاهرًا من أي حيض أو نفاس، واعتبروا هذا الشرط من الشروط الواجب تنفيذها ليصح الاعتكاف، ولكن اختلف الفقهاء حول الطهارة من الجنابة واعتبرها المالكية والحنفية من الشروط حتى يقدر المعتكف على البقاء في المسجد.
  • يجب أن يكون الاعتكاف في المسجد ولا يصح في البيت، إلا أن الحنفية أجازوا للمرة أة وخاصةً في محل صلاتها.
  • اشترط المالكية الصوم عند الاعتكاف وهذا بالاستدلال بالحديث “ والسُّنةُ فيمن اعتكفَ أن يصومَ ”روته السيدة عائشة، بينما عند الشافعية والحنابلة قالوا إنه يصح الاعتكاف دون صوم، أما الحنفية شرطوا الصوم للمنذور فقط دون غيره من أي تطوع.
  • أن تأخذ الزوجة إذن زوجها، وهذا ما اشترطه الحنفية والشافعية والحنابلة فلا يكون اعتكاف المرأة صحيحًا بدون الحصول على إذن زوجها حتى إذا كان اعتكافها منذورًا.
  • أضاف المالكي شرط آخر وهو أن يقوم المعتكف بالانشغال بالعبادة بقدر المستطاع في الليل والنهار ويقوم بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن.

لا يفوتك أيضًا:  أحكام وشروط الاعتكاف للنساء

2- شروط مكان الاعتكاف

اتفق جميع الفقهاء على أن اعتكاف الرجل لا يصح إلا في المسجد وتم الاستدلال على هذا الشرط من خلال قول الله تعالى:

( أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (سورة البقرة: الآية 187)

كما أكد رسول الله أن الاعتكاف في المسجد الثلاثة ”المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي ”أفضل من غيرهم من المساجد.

ثم تليهم المساجد التي تقام بها صلاة الجماعة ، ولكن اختلف الفقهاء حول المسجد الذي يجب الاعتكاف به، ويمكن أن نعرض هذا الاختلاف في الآتي:

الحنفية والحنابلة المالكية والشافعية
أكدوا أن الاعتكاف لا يصح إلا في مسجد جماعة تقام جميع الصلوات بما فيها الجمعة. رأوا أن الاعتكاف يتم في أي مسجد، حتى وإن اضطر للخروج لتأدية صلاة الجمعة بمسجد آخر.

كما أكدوا أنه يجوز للشخص الذي حدد مسجد للاعتكاف به تغييره والاعتكاف في غيره ولا كفارة عليه، وهذا لأن المولى عز وجل لم يحدد موضع لعبادته، ولكن في حالة نذر الشخص الاعتكاف في أحد المساجد الثلاثة يجب أن يوفي بنذره.

أما عن مكان الاعتكاف للمرأة فقد اختلف عليه الفقهاء، وهذا باعتبار أن المسجد هو أحد الشروط لصحة الاعتكاف، ويمكن أن نعرض هذا الاختلاف في الآتي:

الشافعية والحنابلة والمالكية الحنفية
اعتبر جمهور الفقهاء أن المرأة مثل الرجل وأنه يشترط عليها الاعتكاف في المسجد كبير حتى يصح اعتكافها، ولكن رأى الحنابلة أنه من الأفضل لها أن تستتر، وهذا بالاستدلال على ما فعلته أمهات المؤمنين وأن يكون الاعتكاف في مكان بعيد عن الرجال وهذا للحفاظ عليها. رأى الحنفية أن الأصح لاعتكاف المرأة هو أن تبقى في مسجد بيتها والمقصود هنا مكان صلاتها، وقال بعضًا منهم أن تختار مكان وتعتكف به في حالة لم يكن لديها موضع محدد تصلي به، أما البعض الآخر قالوا إنها لا يصح لها الاعتكاف في البيت في حالة لم تحدد مكان للصلاة.

أحكام الاعتكاف للرجل والمرأة

يعتبر الاعتكاف من السنن المستحبة، ومن يحب رسول الله ويرغب في الاقتداء بسنته يقوم به، ولكن في حالة قام المسلم بنذر الاعتكاف فيكون فرضًا عليه، ويتم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ويجب على المرأة أن يكون لها مأمونًا في المسجد حتى لا تُصاب بأي ضرر.

لا يفوتك أيضًا:  فضل شهر رمضان الكريم وليلة القدر واهميتها

آداب الاعتكاف

الاعتكاف هو زيارة الشخص لله في بيوته، والانقطاع عن جميع مشاغل الدنيا من أجله، ولهذا ينبغي على الشخص المعتكف تنفيذ سنة رسول الله أثناء الاعتكاف، وهذا من خلال اتباع آدابه، ومن ضمن هذه الآداب الآتي:

  • أن يستحضر نية الاعتكاف ويحتسب الأجر والثواب عند الله.
  • أن يعلم حكمة الله من الاعتكاف وهي التفرغ للعبادة وأن يكون القلب خالصًا لله تعالى.
  • ألا يخرج المعتكف من المسجد إلا للحاجة.
  • المحافظة على السنن والأذكار في الليل والنهار، ويتم التنويع بين العبادات المختلفة من تسبيح وذكر ودعاء وصلاة وقراءة قرآن، وهذا حتى لا يشعر بالفتور من التواجد في المسجد.
  • أن يكون متهيئ باستمرار للصلاة قبل وقتها وأن يحرص على الخشوع بها.
  • التقليل من النوم والطعام والكلام وهذا حتى يقدر على الخشوع.
  • الحرص على أن يكون طاهرًا طوال وقت الاعتكاف.
  • أن يصبر ويقدم النصائح التي يعلمها لإخوانه المعتكفين ويذكرهم بأن أهم ما يجب فعله هو التعاون على البر.
  • تحري ليلة القدر والسعي بكل همة ونشاط حتى يحصل على ثوابها العظيم.

مبطلات الاعتكاف

بعد أن تمكنا من ذكر بنود وحكم الاعتكاف للرجال والسيدات يجدر بنا ذكر مبطلات الاعتكاف، حيث توجد بعض الأمور القادرة على إفساده وإلغائه، ولهذا يجب على المعتكف ألا يقوم بها حتى يحصل على أجر الاعتكاف، ومن ضمن هذه المبطلات ما يلي:

1- الخروج بالبدن كاملًا دون عذر

حيث كان رسول الله صلى الله عليه لا يخرج إلا رأسه للسيدة عائشة حتى تمشط له شعره أو تغسله له، ولكنه حرص على ألا يخرج ببدنه كاملًا من موقع الاعتكاف، وهذا ما جعل جميع الفقهاء يتفقون على أن الخروج من مكان الاعتكاف هو أحد المبطلات ويجب عدم القيام به إلا في حالة الضرورة مثل مرض أحد الآباء أو وفاة شخصًا ما.

2- ممارسة الجماع

إن أكثر الأمور التي تبطل اعتكاف الرجل هو ذهابه إلى المنزل والجماع بها، أما ذهاب المرأة إلى مكان اعتكاف الرجل لا يبطل الاعتكاف وهذا استنادًا إلى الشرط الأول وهو خروج الرجل بكامل جسده من مكان الاعتكاف.

3- الخروج بهدف البيع والتجارة

ذكرنا مسبقًا أنه يجب أن يكون خروج المعتكف من المسجد هو بغاية الضرورة وعذر لا يمكنه إبطال الاعتكاف، ومن ضمن أهم الأعذار التي يمكن الخروج إليها هي لشراء الطعام أو الشراب، أو الخروج بسبب حدوث إحدى المكروهات مثل هدم المسجد، الخروج لصلاة الجمعة، أما الخروج للبيع والشراء فهو من مبطلات الاعتكاف.

4- الردة

أكد الفقهاء الأربعة أن ارتداد المسلم هو أحد أهم المبطلات، وهذا لأن الارتداد يبطل كافة العبادات، وتم اعتبار أن من ينكر ذلك ليس من أهل العبادات.

5- شرب الخمرالاعتكاف

أتفق جمهور الفقهاء على أن أكل أو شرب أي أطعمة يمكن أن تُسكر هو أحد مبطلات الاعتكاف، ففي حالة السكر لا يعتبر الشخص من أهل المسجد، وهذا بسبب قيامه بأمر أسوأ من ترك المسجد، فقد قال الله تعالى في كتابه العظيم:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (سورة المائدة: الآية 90)

وروت عائشة أم المؤمنين عندما سُئل رسول الله عن البِتعِ قال “كلُّ شرابٍ أسكرَ فهو حرامٌ ”وهذا ما استدل به الفقهاء أن الخمر يبطل الكثير من الأعمال ومنها الاعتكاف.

لا يفوتك أيضًا: شروط وأحكام الاعتكاف للرجال والنساء

6- قطع نية الاعتكاف

شروط وأحكام الاعتكاف للرجال والنساء

من ضمن أهم شروط الاعتكاف للرجال والنساء هو استحضار النية وهذا لأنها الشيء الأساسي في جميع العبادات، ولكن اختلف الفقهاء في هذا الأمر، فمنهم من قال إنه باطلًا بسبب النية، ومنهم من قال بسبب نية الخروج من المسجد أو التردد، أما الشافعية فقالوا إنه لا يبطل اعتكافه عندما تأتي إليه نية الخروج من المسجد.

الاعتكاف هو أحد السنن التي حثنا عليها رسول الله صلى الله عليه، ولكن هذا لا يدل على أن من لا يقوم به يقع عليه أي كفارة فهو فقط اقتداء برسولنا الكريم.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *