ما هو السمو الروحاني

أ / شيماء عبد الفتاح

السمو الروحاني هي حالة يمر بها الإنسان تجعله يشعر بأنه فوق السماء الدنيا، وأن بداخله صفاء نقي وصافي لا يمكن شرحه أو حتى استيعابه، وظهر هذا المصطلح في الهند منذ عقد من الزمن تقريبًا، على الرغم من معرفته منذ أكثر من 1400 عام في الدين الإسلامي

وبعد أن انتشر انتشارًا واسعًا في الهند أصبح أكثر شهرة على مستوى العالم، وهذا ما جعل الكثير يتساءلون عن ما هو السمو الروحاني.

مفهوم السمو الروحاني

  • انتشر بشكل كبير في الهند، حيث أوضح “ماثيو غودين” الأستاذ الجامعي الشهير معنى السمو الروحاني عندما كان يشرح الأيروفيدائية.
  • وهي الكلمة التي تأتي في الذهن مباشرة عند سماع كلمة”تانترا”أي الفلسفة الدينية التي تجعل كلًا من النفس والروح متشبعين بالمعتقدات الدينية والعمل بها لدرجة ترتقي وتسمو بها الروح.
  • وبدأ ماثيو غودين بطرح العديد من الأسئلة الخاصة بتعريف السمو الروحي على طلابه وكانت إجابتهم متضمنة على التالي:
  • اعتقد بعض الطلاب أن مفهوم السمو الروحاني هو الجنس الروحي، وذلك لاعتقادهم التانترا، والتي تتشابه نسبيًا مع روحانيات الجنس.
  • كما اعتقد بعضهم أنه نوع من أنواع العلاج الجنسي، وتمت مقارنته أيضًا بالروحانيات الغربية العنيفة، التي بدورها تساهم في تعزيز الفكر النسوي.
  • وعلى الرغم من كل الإجابات التي قدمها الطلاب خلال طرح السؤال إلا ماثيو غودين لم يشرح معنى السمو الروحاني أو يشير إليه بشكل مباشر.
  • ولكنه قال أنه سمة شخصية تأتي في عقل الإنسان مع الأفكار الروحانية، وتجعل الإنسان يشعر أنه جزء مهم وأساسي لا يتجزأ من الكون.
  • ومع مرور الزمن أتى العديد من العلماء بعده وأشاروا إلى تعريف السمو الروحاني على أنه عملية يتم من خلالها الارتقاء بالنفس والجسد من خلال شريعة سماوية.
  • والتي تتمثل في الشريعة الإسلامية وتعاليمها، والتي بدورها تساهم في تعزيز النفس البشرية وتشكيل الفطرة الإنسانية الصحيحة طالما كان الإنسان يتمتع بالحياة.

ما هو السمو الروحاني

يهمك أيضًا: ما هو التأمل في علم النفس

السمو الروحاني في الإسلام

يوجد فرق كبير بين الروحانيات والروح سواء في المعنى أو المصطلح اللغوي في اللغة العربية، والتي يظهر معناها على النحو التالي:

  • أولًا الروح: قال أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء “ الروح هو الذي يعيش به الإنسان ”أي أنه هو العامل الذي يقوم به الجسد ويحيا بسببها الإنسان وتخلق الحياة.
  • وقال أيضًا إن الله “عز وجل”لم يخبر أحد من خلقه بشيء عن الروح ، ولم يمنح أي أحد من عباده علمه الخاص بها، وجاء ذلك في قوله تعالى:

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً” سورة الإسراء، 85.

  • ثانيًا الروحانيات: روى عن أبي العباس أحمد بن يحيى عن الروحانيات أن جبريل”عليه السلام”نزل بهذه الآية، كي يوضح معنى جيدًا:

( وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ) سورة الشورى، 52.

  • وأشار أيضًا علماء الأزهر الشريف أن الإيمان في الدين الإسلامي يشير بشكل مباشر إلى الاعتقاد الديني الجازم، وأن له خمسة أركان وهم ( الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه والقضاء والقدر خيره وشره).
  • كما أن السمو الروحاني في الدين الإسلامي يدعو إلى ضرورة الارتقاء بالروح والجسد عبر الشريعة الإسلامية.
  • والذي يقوم من خلال العبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى والشعور بلطف الله على عباده وسعادته لعبادة الله الواحد.
  • والاختيار ما بين الطريق المستقيم أو الطريق المظلم، خاصةً أن الغاية الحقيقية من الحياة هي الوصول والفوز بالآخرة وبلوغ أعلى الدرجات في جنات النعيم، كما قال الله عز وجل في كتابه العزيز:

( وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) سورة العنكبوت ، 64.

  • كما أن اتباع السنة النبوية الشريعة يساعد الإنسان في السمو الروحاني والدليل على ذلك، أن الله”عز وجل”  أمر الأمة بأكملها
  • أن يتبعوا خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه إليهم بالرسالة الخاتمة التي ارتضاها الله  سبحانه وتعالى دينًا للعالمين.
  • ويذكر أن السبب الأساسي لاختيار سيدنا محمد لهذه الرسالة هو الكمال الأخلاقي السمو الإنساني الروحي الذي تميز به.
  • والجدير بالذكر أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه العزيز ضرورة طاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن طاعته هي شرط من شروط محبة الله للإنسان، حيث قال تعالى :

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ” سورة آل عمران 32.

ما هو السمو الروحاني

لا يفوتك: آيات تدل على التأمل والتفكر في خلق الله

كيف يسمو المسلمين روحانيًا؟

يتساءل الكثيرون عن كيفية الوصول إلى السمو الروحاني في الدين الإسلامي، والذي يمكن الوصول إليه من خلال التالي:

  • التوبة إلى الله والاستغفار الدائم: حيث يعتبر الاستغفار الدائم والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى من أساس السمو الروحاني.
  • كذلك يعمل الاستغفار الدائم بالتغلب على الشيطان الرجيم وعلى اللذات والمعاصي، ويمكن القيام بالأمر من خلال قراءة العديد من أدعية الاستغفار المختلفة والمداومة عليها باستمرار.
  • التخلص من الحقد والحسد: إذا تمكن الحسد والحقد من إنسان جعل قلبه أسود مليء بالكره والظلم للآخرين، وفي هذا الطريق يصبح هائمًا على وجه لا يريد إلا متاع الدنيا فقط.
  • لذا يجب عليه التخلص من حبه الشديد للدنيا والنظر إلى الموت وحب الآخرة، من أجل الوصول إلى السمو الروحاني.
  • القيام بالأعمال الصالحة: إذا استطعت أخذ خطوة التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والمداومة على  الاستغفار، بجانب التخلص من الغل والحسد والحقد، فسوف يأتي بعدها القيام بالأعمال الصالحة، والتي تتمثل في العديد من الأعمال العبادات.
  • سواء كان الالتزام بالصلاة أو الزكاة، أو الصدقة أو حتى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها من الأعمال الصالحة، التي ترتقي بالإنسان إلى السمو الروحي وتساعده في الوصول إلى الدرجات العليا في الجنة.