هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها في الطلاق البائن والرجعي

أ / آية أحمد زقزوق

يسأل الكثير هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها في حالة الطلاق البائن أو الرجعي، لأن الطلاق هو انفصال الزوجين، وحل عقد النكاح، وخروج المرأة من عصمة زوجها، لتكون محرمة عليه ولا يجوز رجوعها إلا بإجراءات أو عقد جديد وفقًا لمدة الطلاق وحالته.

ولأن الدين الإسلامي الحنيف دين قوانين وشرائع فوضع دستور شامل ومتكامل للأمة الإسلامية، ولم يترك كبيرة ولا صغيرة إلا وضحها، اصة مثل هذه القضايا الشائكة.

هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها

يعد الطلاق البائن هو الطلاق الذي لا رجعة فيه إلا بعقد جديد، ولا يجوز للمطلقة أن تقيم مع زوجها في بيت واحد، ولكن يمكن أن تقيم مع أولادها ويغيب زوجها عن المنزل، أو العكس، لأن في مكوثهم معًا إثم عظيم. 

يعرف الطلاق البائن بأنه الطلاق الذي لا يحق للزوج فيه إرجاع زوجته مرة أخرى، إلا بعقد جديد وبرضاها، سواء إن كان لم يدخل بها أو دخل بها وكان الطلاق عن طريق الخلع أو طلقها ثلاث، وينقسم الطلاق البائن إلى نوعان

الطلاق البائن بينونة صغرى 

ويعرف طلاق البينونة الصغرى، هو الطلاق الذي يمكن أن ترجع في الزوجة مرة لزوجها بعقد جديد وشهود وكأنها تتزوجه من جديد، ويجوز في حالة الخلع أو الطلاق قبل الدول أو في حالة كان الطلاق طلقة واحدة أو أثنتين في مرة واحدة أو مرتان.

الطلاق البائن بينونة كبرى

ويعرف الطلاق البائن بينونة كبرى بأنه الطلاق الذي لا رجعة فيه، إلا إذا تزوجت المرأة برجل أحر زواج شرعيًا صحيح، ودخل بها، والمقصود به الطلاق ثلاث مرات.

وهناك لاف بين العلماء والفقهاء والمذاهب الفقهية، حيث يرى البعض أن الطلاق ثلاث في مرة واحدة واقع طلقة واحدة، والبعض يقول أنها بالثلاث طلقات.

إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة البقرة:

فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [1]

هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها في الطلاق البائن والرجعي

شاهد أيضًا: حكم من حلف بالطلاق ثم أراد الرجوع عن يمينه

حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي

يعرف الطلاق الرجعي بأنه الطلاق الذي يمكن للزوج إرجاع الزوجة لعصمته، دون الرجوع لها أو أخذ رأيها، وهو الطلاق بطلقة أو اثنين دون انتهاء العدة، أو خلال فترة الحمل، ويجوز في هذا الطلاق أن تقيم الزوجة مع زوجها في منزل واحد. 

وقد اختلف أهل العلم والفقهاء في هذا الأمر، حيث ذكر في الإنصاف للمرداوي الحنبلي:

ويباح لزوجها وطؤها والخلوة والسفر بها، ولها أن تتشرف له وتتزين وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، قال القاضي

ووضح ابن عثيمين الأمر بقوله:

ويلزمها طاعته، ويجوز أن تكشف له وأن ينفرد بها، وأن تتطيب له، وأن تمازحه وتضحك إليه، وأن يسافر بها، فكل ما يجوز للزوجة مع الزوج يجوز لها مع زوجها، إلا في مسائل قليلة.

كما أن المذهب الحنفي يقول أنه يجوز للزوج الاستمتاع بالرجعية والحلوة بها، ولمسها والنظر لها بنية المراجعة، أو بدونها مع الكراهة للتنزيه عند الحنفية لأنها العدة كالزوجة يملك مراجعتها بغير رضاها.

أي أن الرجعية يمكن العيش معها بنية الرجعة، أو حتى بعدم نية الرجعة لأنها في حكم الزوجة حتى إنتهاء عدتها، فهي لها الحق في النفقة والكسوة والموارثة، عند كل المذاهب.

إلا في الجماع فقد اختلف المذهب الحنفي عن المالكي، حيث أن الحنفي أباح، بينما المالكي حرم الجماع دون نية الرجوع، والحجة في ذلك أن الطلاق مضاد للنكاح وهو سبب للإباحة، ولا حتى يرى شعرها ولا يأكل معها، إلا بنية ردها له.

هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها في الطلاق البائن والرجعي

شاهد أيضًا: هل يجوز الطلاق من الزوج الكذاب

حقوق المطلقة طلاق رجعي

تعتبر المطلقة الرجعية زوجة ما دامت في شهور العدة ، ويحق لها ما يحق للزوجة من نفقة وسكن وكسوة وتلبية كافة أحتياجاتها، وذلك وفقًا لكل المذاهب الفقهية.

يجب أن لا يخرجها الزوج من منزلها، لقول الله تعالى في سورة الطلاق:

يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [2]

حيث يجب على المرأة المطلقة طلاق رجعي، أن تقيم في منزلها حتى انتهاء عدتها، لعل زوجها يرجعها.

شاهد أيضًا: أمثال وعبر عن الطلاق جديدة

حقوق المطلقة البائن

تمنح الشريعة الإسلامية المرأة حقوقها كاملة، إذ أن بعد طلاق المرأة الحامل أو المرضعة، أو التي لديها أطفال، قد لا يكون هناك مصدر للعيش أو للإنفاق عليهم، لذلك يكفل لها الدين حياة كريمة، وذلك من خلال حقوقها التي منحها إليها، وتتمثل في [3] :

  • إذا كانت المرأة المطلقة طلاق بائن ليس لديها أطفال فلا نفقة لها ولا سكن.
  • للمرأة التي ترضع طفل، حق في الحضانة والرضاعة.
  • على الزوج النفقة الكاملة على أطفاله
  • رد المهر والمؤخر المتفق عليه

يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة البقرة:

وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا [4]

ولكن من الإحسان منح المطلقة ما أراد وما استطاع الزوج لها ولأولادها، وكفالة حياة كريمة من أجل تحصينها وعفتها وصونها، فالمسلم معطاء كريم والله يحب المحسنين.

هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها في الطلاق البائن والرجعي

المراجع
  1. سورة البقرة [آية 230]
  2. سورة الطلاق [آية1]
  3. https://islamqa.info/ar/answers/82641/
  4. سورة البقرة [آية 233]