كيف عاقب الله قوم صالح ؟ وما الذي فعلوه مع معجزة الناقة

ماريهان أحمد

كيف عاقب الله قوم صالح ؟ إن دعوة الأنبياء جميعًا كانت لعبادة الله الواحد الأحد، لأقوامهم ممن كانوا يعبدون الأصنام من دون الله، ولمّا كان هدف الأنبياء والرسل إصلاح الناس وهدايتهم فإنهم سعوا بكل الطرق إلى حثهم على عبادة الله.. وهكذا فعل سيدنا صالح من أرسله الله إلى قوم ثمود.

كيف عاقب الله قوم صالح

كيف عاقب الله قوم صالح

بادئ ذي بدء نشير إلى قول الله تعالى في سورة هود:

“قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (84)”.

أما عن نبيّ الله صالح فقد أرسل إلى قوم ثمود ليحثهم على عبادة الله، وهم قبيلة من قبائل العرب ، كانوا جاحدين رغم أن الله رزقهم الخير الوفير من فضله، إلا أنهم كانوا عاصين يتفاخرون بعبادتهم الأصنام.

قال الله تعالى في سورة الشعراء:

كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144)”.. ولما كذبه قومه وأصروا على عنادهم قام الله تعالى بإرسال عليهم صاعقة، جزاء لما فعلوه، وقد نجا نبيّ الله صالح والمؤمنين من قومه.

تجلى هذا العقاب في آيات الله تعالى في سورة هود:

“فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ (68)”.

فلما وعدهم الله بالجزاء وأخبرهم سيدنا صالح إياه، كانوا يستهزئون بما يقول.. لذا كان عقاب الله لقوم صالح بأن السماء قد انشقت بصيحة واحدة قضت على الجبال وشقتها، وصعق كفار ثمود وهلكوا جميعًا إلا المؤمنين.

لا يفوتك أيضًا:  قصة سيدنا صالح في القرآن كاملة ومفصلة

معجزة ناقة صالح

مصداقًا إلى قول الله تعالى في سورة الأعراف:

“وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73 )”

بعد أن علمنا كيف عاقب الله قوم صالح نشير إلى أن الله تعالى أرسله بمعجزة حتى يتبين لقومه مدى قدرة الله ليؤمنوا عن صدق ويقين.

فلمّا أخبر سيدنا صالح قومه أن آلهتهم بلا قيمة، نهاهم عن عبادة الأصنام، ولمّا كان في قومه ذو حكمة ورجاحة عقل آمن به بعض من قومه، إلا أن أكثرهم كانوا كافرين، وقال الله تعالى:

“قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)”.

حتى يُذهب الله عن الكافرين شكهم أرسل لهم معجزة بعد أن طلبوا منه ذلك حتى يثبت لهم أنه رسولًا، وهم من ينحتون الجبال والصخور لأغراض البناء.. فالمعجزة جاءت من صنيعهم، فقد أخرج الله تعالى ناقة من الصخور بعد أن انشقت، فخرجت دون ولادة.

قال الله تعالى:

“وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) “..

فسُميت تلك الناقة بناقة صالح أو ناقة الله، وكانت معجزة لأنها تشرب مياه الآبار في يوم وتتركها لبقية الحيوانات في يوم آخر، وكانت تدر لبنًا يكفي لارتواء الجميع.

لا يفوتك أيضًا:  قصة عذاب قوم عاد وثمود كاملة

ما فعله قوم ثمود مع الناقة

على الرغم من أن صالح عليه السلام أخبر قومه بألا يمسوا الناقة بسوء وإلا يلحق بهم العذاب الأليم، ويذروها تأكل وتشرب دون أن يلحقوا بها الأذى.. إلا أنهم عزموا على التخلص من آية الله، رغم اندهاشهم بها إلا ان كبرهم وعنادهم خول لهم قتلها.

قال الله تعالى في سورة الأنفال:

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)

فالله يخذل الكفار ويؤيد أنبيائه ويوفقهم.

عقد كبار الكفار جلسة فيما بينهم حتى يقضون على آية الله، فأخذوا يتشاورون ما عليهم فعله للقضاء على دعوة صالح، وأشار واحد منهم إلى قتل الناقة، ومن ثم قتل نبي الله، إلا أن آخر قال إن صالح قد حذر من المساس بالناقة وإلا عذاب أليم.

إلا أنهم اتفقوا في نهاية المطاف على قتل الناقة وهي تنام سالمة، ومن قتلها هو أشقاهم، فعقرها فما استحقوا إلا العذاب.. فقال الله تعالى في سورة الشمس:

“كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)”.

لا يفوتك أيضًا:  مدائن صالح… المملكة العربية السعودية

قصة قوم صالح في القرآن الكريم

كيف عاقب الله قوم صالح

بعد أن علمنا كيف عاقب الله قوم صالح، يسعنا أن نشير إلى ما تناولته الآيات القرآنية الكريمة التي استعنا بها آنفًا في قصة سيدنا صالح .. في غير موضع منها، فقد أخبرنا الله بقصص الأنبياء في محكم التنزيل حتى نتخذ من قصصهم عبرة وعظة، لقد فصل الله تعالى قصة قوم صالح فيما يقرب من 11 سورة، وأبرز ما ذُكر:

  • إثبات نبوة سيدنا صالح وأنه كان منزلًا من عند الله برسالة إلى قوم ثمود.
  • أن قوم ثمود كانوا خلفاء من بعد هلاك قوم عاد .
  • أن الله رزق قوم ثمود بالكثير من الخيرات، من الزروع والثمار.
  • عبادة قوم ثمود كانت الأوثان.
  • دعوة صالح إلى ثمود كانت بالأمر بالتقوى والنهي عن الأوثان.. ولكن الأكثرين منهم أصرّوا على العناد.

نذكر أن قوم ثمود كانوا يعيشون بالقرب من منطقة تبوك، في غرب الجزيرة العربية.. وفي ذكرنا كيف عاقب الله قوم صالح نشير إلى أن نبيّ الله والمؤمنون معه قد حزنوا على ما آل إليه قوم ثمود من الكافرين، حيث فاضت أرواحهم وزهقت نفوسهم وكان لا حراك في بيوتهم وهلكوا أجمعين.

لم يكن الكفار يطلبون من الأنبياء معجزات حتى يؤمنوا.. إنما كان ذلك عن عند وتكبر، راغبين في أن يظهر عجز الرسل أمام القوم.. إلا من رحم الله منهم ورزقه الإيمان.