ما هي العروة الوثقى التي تحدث عنها القرآن الكريم؟

أ / عمرو عيسى

كثير من الألفاظ التي جاءت في القرآن الكريم يكون لها مدلولات عِدة، ولكن جميعها ترمز إلى نفس المُراد، ومن تِلك الكلمات “العروة الوثقى”، فقد وردِت في موضعين في القُرآن الكريم، كما جاءت في حديثٍ للرسول -صلى الله عليه وسلم- فما هي العروة الوثقى؟

ما هي العروة الوثقى؟

ما هي العروة الوثقى

فُسرت العروة الوثقى بعدة تفسيرات.

  • لا إله إلا الله.
  • القرآن.
  • الإيمان.
  • الإسلام.

لا يوجد تعارض بين تِلك التفسيرات؛ لأن من تمسك بلا إله إلا الله قد تمسك بالإيمان والإسلام والقرآن كذلك، فهي جميعها تدل على مقصود واحد.

لا يفوتك أيضًا:  الخزف الإسلامي تمركز في القاهرة صح أم خطأ؟

معنى العروة الوثقى في الكتاب والسنة

1- العروة الوثقى في القرآن الكريم

﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [1]

يكفر بالطاغوت: الطاغوت مشتقة من الطغيان، وتعني في اللغة تجاوز الحد في العصيان، والكفر بالطاغوت في الاصطلاح: إنكار عبادة ما دون الله سبحانه وتعالى، فقد كانت عِبادة الأصنام مصدر الشر الذي كان عليه أهل الجاهلية.

يؤمن بالله: هو العقيدة الجازمة بأن الله سبحانه وتعالى هو إلهه وربه، وهو الواحد لا شريك له.

جاء ذكر العروة الوثقى هنا لإيضاح أن الذي كفر بالطاغوت، أي أنه قد ابتعد عن الأوثان وعن كل عبادة دون الله تعالى ، والإيمان بالله وحده لا شريك له، فقد ثبت على الصراط الحق، مُستمسكًا بالعروة الوثقى.

قال تعالى:

﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [2]

من يسلم وجهه إلى الله: الذي يطيع الله فيما يؤمر وفيما يُنهي، وهو محسن: الذي قد أحسن وأجاد كافة الأعمال التي أمر الله تعالى بها.

فيكون التفسير: أن من يحسن ويخلص في عبادته لله سبحانه وتعالى، وهو محسن في أقواله ومتقن لأعماله، فقد نال أوثق سبب يؤدي إلى رضوان الله سبحانه وتعالى، وتكون طريق إلى جنته، فيجازي الله تعالى المحسن على إحسانه، وكذلك المسيء على إساءته.

لا يفوتك أيضًا:  عندما عصت قبيلة دوس ورفضت الدخول في الإسلام فان النبي

2- السنة النبوية

جاء ذكر العروة الوثقى كذلك في السنة النبوية في حديث أخرجه مسلم عن قيس بن عباد:

قال:

كُنْتُ بالمَدِينَةِ في نَاسٍ، فيهم بَعْضُ أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ في وَجْهِهِ أَثَرٌ مِن خُشُوعٍ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: هذا رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ، هذا رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا،

ثُمَّ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَدَخَلْتُ، فَتَحَدَّثْنَا، فَلَمَّا اسْتَأْنَسَ قُلتُ له: إنَّكَ لَمَّا دَخَلْتَ قَبْلُ، قالَ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا، قالَ: سُبْحَانَ اللهِ ما يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ ما لا يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ؟

رَأَيْتُ رُؤْيَا علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقَصَصْتُهَا عليه، رَأَيْتُنِي في رَوْضَةٍ، ذَكَرَ سَعَتَهَا وَعُشْبَهَا وَخُضْرَتَهَا، وَوَسْطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ مِن حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ في الأرْضِ، وَأَعْلَاهُ في السَّمَاءِ، في أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ،

فقِيلَ لِي: ارْقَهْ، فَقُلتُ له: لا أَسْتَطِيعُ، فَجَاءَنِي مِنْصَفٌ، قالَ ابنُ عَوْنٍ: وَالْمِنْصَفُ الخَادِمُ، فَقالَ بثِيَابِي مِن خَلْفِي، وَصَفَ أنَّهُ رَفَعَهُ مِن خَلْفِهِ بيَدِهِ، فَرَقِيتُ حتَّى كُنْتُ في أَعْلَى العَمُودِ، فأخَذْتُ بالعُرْوَةِ،

فقِيلَ لِيَ: اسْتَمْسِكْ، فَلَقَدِ اسْتَيْقَظْتُ وإنَّهَا لَفِي يَدِي، فَقَصَصْتُهَا علَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: تِلكَ الرَّوْضَةُ الإسْلَامُ، وَذلكَ العَمُودُ عَمُودُ الإسْلَامِ، وَتِلْكَ العُرْوَةُ عُرْوَةُ الوُثْقَى، وَأَنْتَ علَى الإسْلَامِ حتَّى تَمُوتَ. قالَ: وَالرَّجُلُ عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ.

[3]

لا يفوتك أيضًا:  لماذا سمي الخلع بهذا الاسم ؟ وما هي أحكامه في الشريعة الإسلامية

اختلف العلماء في تفسيرها هنا، فجاء تفسيرها على عدة أوجه.

ما هي العروة الوثقى

  • ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك: أنها تعني لا إله إلا الله.
  • أنس بن مالك: القرآن الكريم.
  • مجاهد: الإيمان.
  • السدي: الإسلام.
  • سالم بن أبي الجعد: قال هي الحب في الله والبغض في الله.
  • ابن عثيمين في كتابه “فتاوى نور على الدرب”: أن العروة الوثقى هي الإسلام، وسُميت بذلك لأنها توصل إلى الجنة.
  • ابن كثير في كتابه “تفسير القرآن العظيم”: أن كل تلك الأقوال صحيحة ولا يوجد تنافي بينها.

إن العروة الوثقى من الألفاظ التي جاءت في القُرآن الكريم، واختلف الصحابة في تفسيرها.. فكان لا بُد من معرفة ما هي العروة الوثقى؟ والأقوال التي جاءت في تفسيرها.

المراجع
  1. [البقرة: 256]
  2.  ]سورة لقمان: 22[
  3. “الراوي: قيس بن عباد أو عبادة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 2484 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]”