هل يجوز التوسل بالنبي ! وما هو حكم التوسل عند المذاهب الأربعة

أ / آية أحمد زقزوق

يسأل الكثير هل يجوز التوسل بالنبي، خاصة وأن هذا الأمر شائع ومتكرر في كل البلدان الإسلامية، ويخشى المسلم أن يقع في معصية أو شيء مكروه، لمجرد أنه منتشر وشائع، لذلك يجب البحث والتأكد من جواز التوسل بالنبي.

حكم التوسل بالنبي

يعرف بأن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، له عدة أشكال، فمنها ما هو مقبول ومنها ما هو محرم، وهذا على النحو التالي:

التوسل بالإيمان بالله ورسوله 

كأن يقول المسلم اللهم إني آمنت بك وبنبيك فارحمني واغفر لي، ففي هذا القول دلالة على الإيمان ورغبة في العفو والغفران، لأن الإيمان برسول الله شرط من شروط الإسلام ووسيلة شرعية لتكفير السيئات والتوبة.

التوسل بالدعاء بالنبي 

كأن يقول أحد أفعل لي كذا يا رسول الله، فهذا أمر غير مشروع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه بشر مثلنا ولا له أن يفعل لنا شيء بعد وفاته، فكل الأمر بإذن الله تعالى.

التوسل بجاه النبي 

يعد التوسل بجاه النبي أو بمنزلته عند الله أمر غير مشروع، وذلك في حياة النبي أو بعد وفاته، لأن الدين الإسلامي دين وصال مباشر بين العبد وربه، دون وسيط، فيمكن للمسلم الدعاء لله عز وجل مباشرة بما يرغب.

لا يجوز أيضًا التوسل بالنبي لهزم الأعداء أو لطلب النصر أو للشفاء من الأمراض، فهذا نوع من أنواع الشرك بالله، حيث إن الدين الإسلامي جاء ليؤكد الوحدانية، وأن الله تعالى لا شريك له ولا ولد، لذلك فلا يجوز للمسلم أن يشرك بالله أحد.

هل يجوز التوسل بالنبي

شاهد أبضًا: حكم دعاء ختم القرآن الكريم في الصلاة

حكم التوسل عند المذاهب الأربعة

يعتبر حكم التوسل بالنبى من الأمور التي عليها خلاف عند الأئمة، ولكن هناك إجماع على كراهة التوسل بالأنبياء والصالحين عند الله عز وجل، تأكيد على الوحدانية وعلى أن العلاقة بين العبد وربه مباشرة، ولا تحتاج وسطاء، حتى وإن كان أحب لق الله إليه، وإلى عبادة.

رأي الإمام أبو حنيفة النعمان

نص أبو حنيفة على كراهته التوسل بالنبي والصالحين، وورد في شرح أبو العز الحنفي:

إن كان مراده الإقسام على الله، فذلك محذور أيضا، لأن الإقسام بالمخلوق على المخلوق لا يجوز، فكيف على الخالق؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقد أشرك، ولهذا قال أبو حنيفة يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان.

أو بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام، والمشعر الحرام، ونحو ذلك حتى كره أبو حنيفة ومحمد رضي الله عنهما، أن يقول الرجل: اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك.

رأي الإمام مالك 

لم ينقل عن الإمام مالك، أنه أباح وأجاز هذا النوع من التوسل، حيث ورد عن ابن تيمية أنه قال:

ليس في المعروف من مذهب مالك ما يناقض ذلك، فضلاً أن يجعل هذا من مسائل السب، فمن نقل عن مذهب مالك: أنه جوَّز التوسل به بمعنى الإقسام به أو السؤال به فليس معه في ذلك نقل عن مالك وأصحابه فضلاً عن أن يقول مالك: إن هذا سب للرسول أو تنقص به.

بل المعروف عن مالك أنه كره للداعي أن يقول يا سيدي سيدي، وقال: قل كما قالت الأنبياء يا رب، يا رب، يا كريم، وكره أيضًا أن يقول: ياحنان يامنان، فإنه ليس بمأثور عنه فإذا كان مالك يكره مثل هذا الدعاء، إذ لم يكن مشروعاً عنده، فكيف يجوز عنده أن يسأل الله بمخلوق نبيًا كان أو غيره؟!

رأي الإمام أحمد بن حنبل

هناك خلاف في رأي الإمام أحمد، حيث قال ابن تيمية:

وقد ذكر المروذي في منسكه عن الإمام أحمد بن حنبل أن الداعي المسلم على النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل به في دعائه، فهذا النقل يجعل معارضا لما نقل عن أبي حنيفة وغيره. 

بينما ذكر في رواية أخرى عدم توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم قط، وأنه لم يذكر شيء في هذا الأمر.

رأي  الإمام الشافعي 

لا يوجد رأي للشافعي في هذه المسألة، ولم يرد في الكتب نص صريح حكم التوسل عند الشافعي، إلا أن ابن تيمية نقل عن أحد المتقدمين من الشافعية:

بخلاف قولهم أسألك بجاه نبينا أو بحقه، فإن هذا مما نقل عن بعض المتقدمين فعله، ولم يكن مشهوراً بينهم ولا فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل السنة تدل على النهي عنه، كما نقل ذلك عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما

وذلك فالإجابة عن تساؤل هل يجوز التوسل بالنبي فيبدو أن المسألة عليها خلاف كبير فهي مسألة فقهية، يرى البعض من الفقهاء جوازها، والبعض يحرمها والبعض يكره، ولكن يجب الابتعاد عن هذا الفعل والدعاء لله عز وجل والتضرع إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وكفى.

هل يجوز التوسل بالنبي

شاهد أيضًا: حكم دعاء اللهم سخر لي الأرض ومن عليها

هل يجوز التوسل بالصالحين الأموات

لا يجوز لأي سبب ولا بأي شكل من الأشكال التوسل بالأموات، فهذا الأمر نوع من أنواع الشرك بالله عز وجل، ولا بالأضرحة سواء كانت لأولياء أو أنبياء أو صالحين، فيقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة فاطر:

إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [1]

ويقول في سورة الجن:

وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [2]

فلا يجوز أبدًا التوسل أو الدعاء بأي من الأنبياء أو الصالحين، فالوحدانية والطلب والتضرع لله عز وجل وحده لا شريك له له الملك، وهو وحده قادر على استجابة الدعاء والعفو وصلاح الأمور.

المراجع
  1. سورة فاطر [آية 14]
  2. سورة الجن [أية 18]