صحابي قتله المسلمون بالخطأ في غزوة أحد

أ / عمرو عيسى

تعد غزوة أحد أهم الوقائع في التاريخ الإسلامي، لاسيما وأنها أحد الغزوات التي شارك فيها الرسول، وكانت سببًا في تلقين المسلمين درسًا حول أهمية طاعة أوامر رسول الله.

صحابي قتله المسلمون بالخطأ في غزوة أحد

صحابي قتله المسلمون بالخطأ في غزوة أحد

أصيب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بأذى بليغ في غزوة أحد، فقد سال دمه الشريف حتى لامس كعوب قدماه.

بجانب ذلك فقد شهدت الغزوة موت أحد الصحابة عن طريق الخطأ بسيوف المسلمين، علاوةً على من نالوا الشهادة إثر هذه الغزوة التي تُعد كعلامة مميزة في تاريخ الدولة الإسلامية.

  • نال سبعون من المسلمين الشهادة في غزوة أحد، إلا أنه كان من بينهم صحابي أستشهد عبر سيوف المسلمين عن طريق الخطأ، وهذا الصحابي كان حُسيل بن جابر بن ربيعة.
  • كان الحٌسيل أبو الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان، وقد شارك في غزوة أُحد برفقة ولديه حذيفة وصفوان.
  • لُقب الحُسيل باليمان بن جابر، وهذا بسبب تحالفه مع اليمانية بني عبد الأشهل، وذلك عقب هروبه إلى المدينة بعدما أصاب أحد قومه.

لا يفوتك أيضًا:  من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته

كيف قتل اليمان على يد المسلمين؟

أثناء غزوة أُحد كان اليمان شيخًا كبيرًا، وكان برفقته الصحابي ثابت بن وقش بن زعوراء، وكانا قد ظلوا مع النساء والأطفال لكبر سنهم، إلا أنهم ظلوا يحثوا بعضهم على الجهاد أملًا في أن يتوفاهم الله وهم يجاهدون في سبيله.

حتى قال أحدهم للآخر:

مَا أَبَا لَكَ، مَا تنْتَظر؟ فو الله لَا بَقِيَ لِوَاحِدِ مِنَّا مِنْ عُمْرِهِ إلَّا ظِمْءُ حِمَارٍ، إنَّمَا نَحْنُ هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ، أَفَلَا نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا، ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنَا شَهَادَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “.

فأشهر كل منهما سيفه وخرجا إلى ساحة المعركة، إلا أنه لم يكن أحد من المسلمين على علمًا بأنهم سيأتون، وبالفعل قد نال اليمان حظًا من نصيب المسلمين، فظل أبنه حذيفة ينادي “أبي أبي”إلا أنه كان قد فات الأوان.

روى أحد الصحابة واقعة اليمان موضحًا موقف الصحابة من موته ورد فعل الحذيفة ولده

أَمّا حُسَيْلُ بْنُ جَابِرٍ فَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ أَسْيَافُ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوهُ وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَبِي! فَقَالُوا: وَاَللّهِ إنْ عَرَفْنَاهُ، وَصَدَقُوا!! قَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ. فَأَرَادَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَدِيَهُ، فَتَصَدّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَيْرًا “.

لا يفوتك أيضًا:  معلومات عن الصحابي زيد بن حارثة

استشهاد اليمان أبو حذيفة

رويّ الكثير من صحابة رسول الله ممن شهدوا غزوة أُحد واستشهاد اليمان عن هذه الواقعة.

إلا أن أبرز هذه الأقاويل كان ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

“لمَّا كانَ يَومَ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إبْلِيسُ لَعْنَةُ اللَّهِ عليه: أيْ عِبَادَ اللَّهِ، أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هي وأُخْرَاهُمْ، فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هو بأَبِيهِ اليَمَانِ، فَقالَ: أيْ عِبَادَ اللَّهِ، أبِي أبِي، قالَ: قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما احْتَجَزُوا حتَّى قَتَلُوهُ، فَقالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ. قالَ عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ ما زَالَتْ في حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حتَّى لَحِقَ باللَّهِ عزَّ وجلَّ”.

[1]

أرجع المؤرخون والعلماء أن سبب مقتل أبو حذيفة، هو أن المسلمون في أغلب غزواتهم كانوا يتخفون في زحام الحرب، وكان هذا هو السبب وراء وضعهم لعلامة متعارف عليها فيما بينهم، للتفرقة بينهم وبين المشركين، بسبب إخفائهم لوجوههم، ولولا ذلك لقتل الأخ أخاه دون دراية.

هذا هو تحديدًا ما صار مع اليمان، فلم يتعرف عليه أحد من الجيش المسلم، ولهذا لم يقبل حذيفة بالدية التي أصر رسول الله صل الله عليه وسلم على إخراجها، وإنما قام بالتصدق بها على فقراء المسلمين.

لا يفوتك أيضًا:  الصحابي الذي جهز جيش العسرة وحفر بئر رومة

موقف اليمان مع الرسول في بدر

صحابي قتله المسلمون بالخطأ في غزوة أحد

روي الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان بن جابر، بأن الكفار قد أسروه هو واليمان قبل غزوة بدر، وذلك إيقانًا منهم بأنهم لن يتخلفوا عن مصاحبة رسول الله والخروج للقتال.

قام اليمان بإنكار ذلك وأوضح لكفار قريش بأنهم ذاهبون إلى المدينة وليس لرسول الله، وقد صدقهم المشركون وأطلقوا سراحهم.

فروي الحذيفة قائلًا:

“ما مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قالَ: فأخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قالوا: إنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: ما نُرِيدُهُ، ما نُرِيدُ إلَّا المَدِينَةَ، فأخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ معهُ، فأتَيْنَا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْنَاهُ الخَبَرَ، فَقالَ: انْصَرِفَا، نَفِي لهمْ بعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عليهم”.

يشير هذا إلى مدى حرص رسول الله على الإيفاء بالعهود، حتى أنه منع اليمان وابنه حذيفة من المشاركة في غزوة بدر.

قتل المسلمون اليمان بن جابر عن طريق الخطأ؛ نظرًا لعدم معرفتهم بمشاركته في الغزوة هو ثابت بن وقش بن زعوراء.

المراجع
  1. الراوي: عائشة أم المؤمنين | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 3290 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] | التخريج: أخرجه البخاري (3290)