تجربتي مع الدعاء عند الملتزم

أ / عمرو عيسى

يغفل كثير من الناس أمورًا عدة حين أداء مناسك الحج والعمرة، منها الدعاء، ذلك أن الدعاء في المسجد الحرام يكون مستجابًا، لاسيما عند موضع الملتزم، فلا يرد الله دعاء العبد إذا ما دعاه في هذا الموضع، وهذا من فضل الله -عز وجل- على خلقه.

تجربتي مع الدعاء عند الملتزم

تجربتي مع الدعاء عند الملتزم

لطالما كنت أرغب في زيارة بيت الله الحرام، وأداء حج أو عمرة، رغبت في الأمر بشدة وسعيت بما أوتيت من قوة لزيارة بيت الله الحرام، إلا أنني كنت أجهل المناسك، والواجب عليّ لإتمام حجتي أو العمرة، فبدأت استمع إلى شيوخ عدة حول هذا الأمر، لأجل أن أكون على أهُبّة الاستعداد حين يرزقني الله زيارة بيته.

أثناء بحثي في الأمر سمعت أحد الشيوخ يتحدث عن موضع الملتزم، وكون الدعاء عنده مستجابًا، وهاذ ما لم أكن أعلم به، وحين رزقني الله عمرة بدأت تجربتي مع الدعاء عند الملتزم، إذ توجهت إلى هذا الموضع، ودعوتُ الله حتى أنني أطلت الدعاء، وكُلّي يقين أن الله –عز وجل- قادر على استجابة دعائي.

بعد قضائي العمرة.. لم ألبث وقتًا إلى أن بدأت دعواتي تتحقق واحدةً تلو الأخرى، فكان الأمر أشبه بالمعجزة، كان هذا بفضل اليقين في الله، والدعاء عند الملتزم.

لا يفوتك أيضًا:  تجربتي مع اسم الله الأعظم والدعاء باسم الله

حكم التزام موضع الملتزم والدعاء عنده

خلال تجربتي مع الدعاء عند الملتزم رغبت في العلم بالحكم التكليفي لهذا الأمر، وهل يجب التزامه أم لا، وتبين لي خلال بحثي إجماع العلماء على استحباب التزام الملتزم، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقد ثبت عن الصحابة -رضوان الله عنهم- أنهم فعلوا ذلك حال الطواف بالبيت، وقال بعض الصحابة أن رسول الله  كان يفعل ذلك، ويمكن التزام الملتزم في أي وقت يشاء، فقد يلتزمه عند المغادرة أو حال الطواف أو غيرها من الأوقات، فعند عدم حدوث ضرر للغير فكله جائزًا، أما موضع الملتزم فيكون ما بين الركن وباب الكعبة.

كيفية الدعاء عند الملتزم

سمعت أحد الشيوخ يصف كيفية إتيان الملتزم، إذ تبين أن من أحب إتيانه ينبغي أن يكون على موضع معين، كما ثبت عن الصحابة.

  • أن يضع الطائف يده وصدره ووجهه وذراعيه عند موضع الملتزم.
  • وضع خده الأيمن على الموضع.
  • ثم يسأل الله عز وجل ويدعوه بما شاء.

كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يقومون بذلك حين دخول مكة، إلا أنه يمكن إتيانه حال الوداع، أو قبل الطواف فكل الأحوال جائزة.

فإن تعذر عليه إتيان الملتزم ولمسه، فوقف عند الباب ودعا، أجزأه ذلك، يقول العلماء: ”ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً”.

كما ورد عن ابن تيمية -رحمه الله- أنه قال: ”وإنْ أحبَّ أنْ يأتيَ الملتزم –وهو ما بين الحجر الأسود والباب –فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك، وله أنْ يفعل ذلك قبل طواف الوداع فإنَّ هذا الالتزام لا فرق بين أنْ يكون حالَ الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة…”

لا يفوتك أيضًا:  دعاء اللهم تب علينا كى نتوب اللهم اغفر لنا وارحمنا

أدعية تُقال عند الملتزم

كان قلبي منشرحًا، وفتح الله عليّ من الدعاء حتى أنني اندهشت من كثرة إلحاحي وإطالتي في الدعاء، دعوت الله بما جال في نفسي، من أمور الدنيا والآخرة.

  • اللهم إني وقفت ببابك، في أطهر مكان على الأرض وكلي يقين أن تُجيب دعائي، اللهم طهرني من خطاياي، وباعد بيني وبينها كما باعدت بين المشرق والمغرب.
  • يا رب اسألك من عظيم فضلك الواسع، اللهم ارزقني العافية.
  • اللهم لا تخرجني من بيت الطاهر إلا مجبور الخاطر، ومنشرح الصدر، ومستجاب الدعوة.
  • يا رب أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني أسألك حُبك وحُب كل عمل يُقربني إليك.
  • يا رب لا تحرمني من النظر لوجهك الكريم، وارزقني الرضا والإخلاص في القول والعمل، اللهم لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا مرضًا أو سقمًا إلا عافيتني منه، إنك على ما تشاء قدير.
  • اللهم وفقني في ديني ودنياي، واجعل لي أثرًا جميلًا ينفعني بعد مماتي.
  • اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، وبارك لي في والدي، وارحمهما كما ربياني صغيرًا.
  • اللهم لك الحمد ملء السماوات والأرض ومن فيهنّ، لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضا.

لا يفوتك أيضًا:  صيغة دعاء رفع البلاء والمصائب والوباء مكتوب

أدعية مأثورة عند الملتزم

تجربتي مع الدعاء عند الملتزم

كنت أبحث عن صيغ أدعية مأثورة تقال عند الملتزم، فتبين أنه لم يرِد في السنة صيغًا معينة، فيمكن للمرء أن يدعو بما شاء من أمور الدنيا والآخرة، إلا أنه يجب أن يحرص على تضمين دعاء الآخرة كذلك، لذا استعنت ببعض صيغ الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية.

“رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”

“رَبَّنَا اغفِر لي وَلِوالِدَيَّ وَلِلمُؤمِنينَ يَومَ يَقومُ الحِسابُ”

“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”

اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم.

اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك.. اللهم إني اسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، واسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.

اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي وإسرافي، في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير.

اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.

كما قد ثبت عن ابن عباس دعاء مأثور، يمكن الاستعانة به حال الدعاء عند الملتزم.

“اللهمَّ إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرتَ لي مِن خلقك وسيرتَني في بلادك حتى بلغتَني بنعمتِك إلى بيتِك وأعنتَني على أداء نسكي فإنْ كنتَ رضيتَ عني فازدَدْ عني رضا وإلا فمِن الآن فارضَ عني قبل أنْ تنأى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إنْ أذنتَ لي غير مستبدلٍ بك ولا ببيتِك ولا راغبٍ عنك ولا عن بيتِك…

…اللهمَّ فأصحبني العافيةَ في بدني والصحةَ في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتَني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير”.

من واقع تجربتي يمكنني القول بأن شعوري ووقوفي هذا الموقف لا يضاهيه أمر، فيا لها من وقفة! يا لها من انشراحة صدر! وكم من لذة حين تقف أمام الله تتضرع إليه بالدعاء عن أطهر مكان.

لا ينبغي مُزاحمة الناس والتضييق عليهم لأجل إتيان الملتزم، كما ينبغي على الداعي ألا يطيل في الدعاء، بل لا بد أن ينتبه لهذا الأمر، فإن رأى مجالًا وفسحة فليدعو.